السيادة الثقافية
محمد المستيري
إن الاستراتيجيات الثقافية والتربوية والتعليمية والبحثية العلمية هي الضامنة للسيادة على الثروة الإنسانية المواطنية. ولا شيء أهم في السياسة من ضمان مستوى الوعي المواطني ونضج الرأي العام وقدرة العقول على توجيه السياسة في جميع الميادين.
ومن الخطأ القاتل للسياسة اختزال المجالات السيادية في المجالات الأمنية والخارجية وإهمال السيادة الثقافية. وهي لا تقل أهمية عن مطلب السيادة على الثروات، بل إن هذه السيادة الاقتصادية لن تتحقق إلا بمستوى عال من الوعي المواطني بها. فقطاع التعليم بحاجة إلى إصلاحات كبرى في برامجه ووسائله وأولوياته. وإدارة الشأن الديني لا يمكن أن تختزل في إدارة المساجد، بل تحتاج إلى إحداث استراتيجيات في ترشيد الخطاب الديني ونشر التوعية الدينية الوسطية المواطنية. كما لا يمكن اختصار إدارة الثقافة في تنظيم المهرجانات المناسباتية، في ظل تهميش كامل لدور الثقافة العمومية ولقطاع النشر ولوظيفة المثقفين في تأطير الشباب.
ولن تتحقق السيادة الثقافية دون مراجعة لدور السلطة الرابعة أي الإعلام في نشر العلوم والمعارف والفنون الراقية في مواجهة أطماع الربح المادي التي تؤول إلى ما نشاهده من ابتذال وترذيل للذوق العام. الرهان على الإنسان هو مرجع الرهان على الوطن، ولا سيادة لأوطان لا سيادة للإنسان فيها.