نصر الدين السويلمي
معاداة السامية التي أُستُعملت شماعة في الكثير من البلدان لإطفاء محركات الحرية حين تقترب من المنطقة الحمراء، ثم إشعالها من جديد بعد تجاوز المساحة المحظورة والمقتطعة خالصة لصالح السامية، هذه الشماعة تحولت في بلادنا الى اطفاء محركات الحرية عند كل المنعرجات البورقيبية.
هكذا أرادت نخبة العار، إعلام العار وأوكار العار المثقفج، زمرة من جمر السياسة الخبيث وفيروسات الثقافة وبؤر المال على شيء من النعرات الجهوية المتراجعة نحو الأفول، قرروا تنزيه وتقديس وتأليه قاتل رفيق دربه غدرا في فرنكفورت الألمانية، قرروا ايضا رفع رب العنصرية الجهوية إلى مصاف رب العزة الذي أعلنها في قرآنه “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير”.
يتعرض الرقم واحد في الحزب الخامس في البلاد المحامي سيف الدين مخلوف الى حملة ممنهجة، تولى كبرها منذ مدة بعض كبراء الإجرام المنقّب، ثم انخرطت فيها رخويات ثقافوسياسية مشوهة، على خلفية ان رجل القانون الشاب رفض الخضوع الى ابتزاز قوافل الذل، وأصر على الاحتفاظ بأنسنة عقله ورفض برقبته، لعلمه أن البرقبة هي الوباء الوحيد الذي جمع بين الغدر والاغتيال والكبر والجهوية والعنصرية والشذوذ، رجل أبيّ كسيف يرفض أن تتحول اعراض التونسيات إلى لعبة في يد سعيدة ساسي، تنتقي تفاحه الصغير وتقدمه الى خالها المتصابي كي يدس فيه فشله وينثر عليه شهوته المتلعثمة.
هذه الأوبئة لم تكتف بما اقترفه بورقيبها في حقنا وفي حق اهالينا ما وراء البلاكات من عنصرية وتجويع واهانة، لم تكتف بأكبر عملية فرز عنصري تم تنفيذها في تونس، لم تكتف بما عانيناه من ميز ومن قهر، ثم هي ترغب منا ان نتحول الى عشاق لشخص لولا أنه أفضى إلى ربه لقلنا فيه ما قاله وزراءه من اهوال تخر لها الجبال خجلا، هؤلاء الذين تمرغوا في عطايا بورقيبة ثم بن علي، يقترحون علينا اعتماد قاتل رفيق دربه صائد المراهقات واصم المجاهدين بالفلاڨة، اعتماده كرمز لنا!!!
أيها الطاعون المُبرقب، دعوا الرجل يرقد كما شاء له الله وبين يدي الله، دعونا نمسك عنه ونتناسى ما اقترفه في حقنا وفي حق آبائنا… أيها الجبناء! رموزنا غير رموزكم، رموزنا أولئك الذين يتوكلون بعد صلاة الفجر لإحضار الكراس والخبز، أولئك الذين لا يلهيهم الحر ولا القر عن إطعام العيْلة وكسوتها، رموزنا هن اللواتي حملننا وتحملننا، مخاض وخوض، اللواتي اقتطعن من أعمارهن لاعمارنا، اللواتي سهرن وبالغن في سكب الدموع حين خلخلتنا الحمى وهمت وكادت لولا رعاية الله ودعوات الحنانة… رموزنا أمـّـــهاتنا… يمّـــة.. أمّه.. دادة.. ده.. رمزنا تلك التي جاعت كي نشبع وليس من شبع كي نجوع.. رمزنا تلك التي خافت كي نأمن، وليس من أمن كي نخاف…رمزنا من سكبت من أجلنا الدموع، وليس من دفعنا قهره الى سكب الدموع.