نور الدين الغيلوفي
يقال إنّه أستاذ جامعيّ.. لعلّه مبرَّز في اختصاص ما على صلة بالمعجم.. ولعلّ اختصاصه في معجم دقيق محيطُهُ مفردات من قبيل
(مكعلة، مودكة، ماكلك، القمل، تسلك، الفلاية، خنانتك، تقطر)
مفردات كان عليه أن يرفقها بجدول تفسيري يبدأ من كيفية النطق بها ويمرّ بإيرادها في جُمل مفيدة حتّى تفهمها سماح مفتاح ومن كان مثلها ممّن لم يسمعوا من قبل عن شخص اسمه التوهامي العبدولي.. شخص إذا رأيتَه تجسّدت لك تلك العبارات ترفل فيها معانيها.. لأنّ من لم ير التوهامي يصعب عليه أن يفهم معاني مكعلة و مودكة و خنانة التي جُعلت لها مفرّقة ومجتمعة.. بل كأنّما هي قد جُعلت للتوهامي العبدولي لا تكاد تصدق على سواه.. فإذا رأيتَه رأيتَها…
أظّن أنّ هذا المعجم لا يصدر عن غير خبير مستنقعات تربّى بين أروقة اللزوجة وعاش بين الأوحال وشبّ في القمامة حتّى استحال إلى وعاء لا ينضح بغير ما يثير القرف ويُحدث الاشمئزاز ويصيب بالغثيان…
كان يمكن لهذا النتِن أن يدافع عن بورقيبة بما شاء كما شاء.. وله منادح في منقول مدحيّ كثير ورثه عن سادة له سبقوه إلى الزحف على البطون.. كان يمكن له بعد أن تابع حوار سماح مفتاح مع سيف الدين مخلوف أن يهرع “من حينه” إلى قبر بورقيبة فيبكي ما شاء له البكاء وأن يطلب منه الغفران وهو يتمرّغ على تراب المقبرة ببدلته التي لولا بورقيبة لما تعلّم كيف يلبسها ويخنق نفسه بربطة عنقه التي علّمه بورقيبة كيف ربطها وأن يستعملها في مسح ما مسحه له بورقيبة.. وكان يمكن أن يخرج على الناس بنصّ في هجاء الإعلام المنفلت من “توجيهات الرئيس” المتخلّي عن مشاهد سباحة فخامته في شاطئ المنستير محاطا بوزير “المنشفة” ووزير “التبّان” ووزير “المراهم الواقية” ووزير “دوش” ما بعد حصّة السبح…
كان يمكن لهذا التوهامي أن يدافع عن زعيمه الذي نفخ فيه من روحه وسمّاه التوهامي من قبل أن يولد، بما أوتي من بلاغة خطاب أو أن يهاجم سيف الدين مخلوف على عقوقه لماسح “خنانة” التوهامي…
ولكنه لم يفعل من ذلك شيئا وقفز على الإعلامية سماح مفتاح، “وما لها إلّا مرا” والمرا مستضعَفة في فهمه، قفز عليها بشتائم جاء بها من مستنقع زمنِ ما قبل بناء المدرسة في تونس البورقيبية واستلّ لحربها مفردات القرف التي تربّى عليها وبها.. ورماها بصفات له ورثها فظلّت عالقة به لم تُزلها مدرسة ولا غيّبها تعليم ولا قطعت معها ربطة عنق ولا محتها صفة “أستاذ”…
هؤلاء الأوباش هم أعلام هاوية وأعيان سقوط ووجوه قرف.. سيبقى معجمهم مُتداوَلًا ما بقوا.. وسيظلون شواهد على ماضي تعاستنا…