نور الدين الغيلوفي
الاتّحاد منظّمة عريقة فلا تُهينوها ومؤسّسة خصيبة فلا تعقّموها.. لا تزال البلاد في حاجة إلى منظّمتها الوطنية لتعديل الموازين بالدفاع عن الكادحين وحماية المقهورين والتصدّي للمستغِلّين…
الاتّحاد هو الرئة التي تساعد المسحوقين على التنفّس فلا تسمحوا للحمقى بمزيد اختطافها.. ولا تَدَعوهم يلوّثوا الهواء ويُتلفوا الرئة…
أمس تحوّلت المنظّمة في خطاب بعض قياداتها إلى ماكينة “تسحق” من يقف في طريقها وقد نسي ذلك القياديّ المنتهية صلاحياته النقابية أنّ الماكينة، ما لم يتعهّدها بالصيانة القائمون عليها، يأتي عليها يوم وتسحق نفسها بنفسها…
وبدت المنظّمة لبعضهم الآخر “أكبر قوّة في البلاد” وتعاظمت في نظر بعضهم الثالث حتّى صارت أكبر من البلاد.. وقد نسي هؤلاء وأولئك أنّ “كلّ قوّة إلى الضعف مآلها”.. بذلك حدّثتنا الطبيعة والاجتماع والتاريخ وكلّ الأفكار…
اليوم نخشى أن تمرّ قيادة الاتّحاد به إلى السرعة القصوى إلى الارتطام بالمجتمع والاصطدام بنفسه وقد أعماها النظر إلى صورها المنتفخة في مرايا صنعتها لنفسها أوهمتها بالعظَمة…
الأمين العام الطبّوبي يعلن للناس أن لا أحد فوق القانون وكلّ نقابيّ يتورّط في الفساد لن يكون “على رأسه ريشة” في نزول واضح محمود عن الشجرة التي صعدت إليها المركزية النقابية، من قبل، واعتصمت بأغصانها.. ولمّا أثقلت أجسادهم الأغصان وقاربت انكسارها جاء وقت القفز والرجوع إلى أرض الناس “المستضعَفين”…
ولكنّ مساعدا له مغمورا في الظلّ يدعى حْفيِّظْ حْفَيِّظْ كتب تدوينة له سخيفة بها تهديد ووعيد للحكومة والدولة والديمقراطية والمدنية والحداثة والعقل ولكلّ شيء فوق الأرض وتحت السماء.. لأنّ معدته لم تهضم ما جاءت به الانتخابات…
يبدو أنّ هذا المساعد لم يفهم خطاب زعيمه فصعد بخطابه إلى غصن أعلى من الشجرة بما يعسّر عليه إدراك الأرض ثانية…
لهذا المساعد أن يختار موقع سقوطه.. لعلّه يبحث لنفسه عن دويّ أعلى عند السقوط…
ولكنّنا نخشى على الاتّحاد العام التونسي للشغل أن يدفع ثمن رعونة هذا القيادي ورعونة نظراء له “هاربة بيهم فرس” لم يعودوا يحكمون لجامها…
أوقفوا الفرس
واتّقوا سقوطا لا يصيبنّ الذين استعلَوْا منكم خاصّة.