يا للهول.. يا للهول.. Bis.. !!!
عبد اللّطيف درباله
اتّضح أنّ رئيس الجمهورية المنتخب الجديد قيس سعيّد.. وفي أوّل يوم جمعة في عهدته الرئاسيّة.. دخل اليوم إلى مسجد مالك بن أنس في قرطاج.. غير بعيد عن القصر الرئاسي.. وأدّى صلاة الجمعة في الصفوف العادية بين سائر المواطنين.. بشكل أقلق حرّاسه في ترتيب حمايته..!!
وجلس سعيّد وسط جموع الناس المصلّين.. يستمع إلى خطبة الجمعة..!!
ثمّ بادر هو.. الرئيس.. بعد انتهاء الصلاة.. بالتوجّه إلى الإمام في صدر المسجد لمصافحته وتحيّته.. قبل أن يلتفّ الناس حوله مصافحين ومحيّين ومصوّرين له بهواتفهم..!!
مرّة أخرى سيزيد ذلك بعض المرضى مرضا..!!!
نرجو أن لا يطلع علينا بعض الإعلاميّين وبعض الخبراء والمحلّلين العباقرة.. بتحليل سياسي يعتبر أنّ أداء رئيس الجمهوريّة لصلاة الجمعة علنا وسط الناس.. وتكرار ذلك أسبوعيّا كلّ يوم جمعة.. هو أسلمة للبلاد.. ونشر للدعوة.. وخرق لمدنيّة الدولة.. والكذا والشيء..!!!
ويدعون بالتالي إلى أن يؤدّي رئيس الجمهورية صلاة الجمعة سرّا بمنزله أو بقصر الرئاسة.. من أجل فصل الدين عن الدولة..!!!
هناك مثل تونسي شهير يقول بأنّ “صلاة القيّاد الجمعة والأعياد”..!!!
و”القايد”.. نطقا بثلاث نقاط فوق حرف القاف.. كمصطلح قديم منذ وقت المستعمر.. هو الحاكم على منطقة صغيرة..
ومعنى المثل أنّ الحكّام غير مؤدّين للعبادات الدينيّة.. وإنّما يؤدّون الصلاة فقط أمام الناس أيّام الجمعة والأعياد في المساجد علنا.. ليراهم المواطنون.. ويتظاهرون أمامهم بالورع والتقوى والتديّن..!!!
وللمثل دلالته في المخيال الشعبي عن ممارسات حكّامه..!!
لكنّ رؤساء تونس السابقين لم يؤدّوا حتّى صلاة الجمعة كما نعرف.. (إلاّ إذا كانوا مثلا يصلّون الجمعة سرّا وفي غير جماعة.. وفي غير مسجد..!!)..
فطوال عقود من تاريخ تونس منذ ما بعد الاستقلال.. لم تعرف البلاد تقريبا رئيسا تونسيّا يواظب على صلاة الجمعة..!!
لكنّ الصلاة في المساجد تحوّلت لدى الرؤساء إلى مجرّد برتوكول سياسي.. يمارسونه فقط في الأعياد والمناسبات الدينيّة.. مثل صلاة العيد.. أو الصلاة في إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف.. أو ليلة 27 رمضان ونحوه.. وهي أقرب إلى الفلكلور الرئاسي منه إلى العبادة الشخصيّة من طرف الرئيس..!!!
حيث يجلس رئيس الجمهوريّة في المناسبة الدينيّة-السياسيّة في صدر المسجد “متزّعما” “الطقوس”.. والصلاة.. التي لا يمارسها عادة..!!!
للتأكيد وللتذكير.. فإنّ أداء الصلاة وغيرها من العبادات.. هو أمر شخصيّ..
والصلاة ليست دليل صلاح الحاكم.. وعدم الصلاة ليست دليل فساده..!!