كمال الشارني
هذه الظروف مهيأة لصناعة بطل سياسي يبقى في تاريخ الأمة، بشرط أن يكون مباشرا وصادقا وشجاعا ويقول لنا الحقيقة التي هي أم كل الحقائق: مقاومة الفساد، لأن حجم الفساد قد تضخم على حساب حجم الحقوق والاستحقاقات، حيث لا يمكن أن تبني مستشفى أو مدرسة أو طريقا أو حتى أن تساعد المنكوبين إلا بقرض مجحف يرهن الأجيال القادمة، فيما مليارات الدنانير تتراقص في السوق الموازية بلا ضرائب، لا يمكن لهذا البلد أن يستمر بضرائب أجور العمال فقط أو بالمزيد من الضرائب على الفئة المتناقصة ممن يحترم القانون وإطلاق أيدي القشارة والموردين والمهربين والسمسارة في الربح السريع،
لكن سيدي، تذكر حكمة “لي كوان يو” الذي حول سنغافورة من مستنقع مخدرات وقرصنة وفقر إلى أحد أفضل المجتمعات في العالم: مقاومة الفساد مثل تنظيف الدرج، أي أن تبدأ بنفسك وأهلك ومستشاريك وأنت ماشي، من أعلى هرم الدولة، وسترى كيف يهرب صغار اللصوص حين يرون موجة البطولة تنزل إليهم، وسترى كيف تتدفق الأموال على خزينة الدولة حتى تفيض، حين يتوقف ذوي الحظوة عن التمعش من هذا الشيء الكريه الذي اسمه الدولة الوطنية بمجرد شراء موظف حكومي أو نائب في البرلمان، ثمة أبطال جاؤوا في غير وقتهم فلم ينتبه لهم التاريخ، وثمة أوقات تصنع الأبطال، لمن يريد، هذا إعلان وطني لصناع بطل،