سياسة أم ألاعيب صبيان ؟
نور الدين الغيلوفي
يقولون: حركة النهضة لم تفز في الانتخابات بل تحصّلت على المرتبة الأولى.. فهي إذن الحزب #الأوّل وليست الحزب الفائز.. وللتسمية دلالتها النفسية عند أصحابها.. “الجماعة يعدّوا في مناظرة ونجحوا الكل ولا فرق بينهم”…
لا علينا…
الحزب الأولّ هذا هو المطالَب بتشكيل الحكومة وذلك بنصّ الدستور.. وهو هنا حزب حركة النهضة الذي لم يفز…
هذا الحزب الأوّل غير الفائز يحتاج إلى كتلٍ أخرى يتحالف معها لتشكيل الحكومة التي تحتاج 109 من الأصوات لتَحظى بثقة البرلمان… من المفروض أن تكون تلك الكتل المستفيدة من الثورة واستتباعاتها هي مساند الحكومة الرسميّ في لحظة كهذه التي تمرّ بها البلا…
على فكرة، بعض تلك الكتل كان لها نوّاب استعملهم بن علي لتزيين برلمانه طيلة عمر نظامه.. وكان هؤلاء النوّاب أشبه بالكراسيّ التي ظلّوا يجلسون عليها لأجل التصفيق والجِراية لا أكثر.. محسوبين على معارضة صوريّة وظيفيّة لا نذكر أنّها اعترضت قبل الثورة على شيء…
تلك الكتل الأخرى أسكرها أن يكون لها عدد من النوّاب بالبرلمان يفوق ما كانت تتوقّع… ولكنّها جعلت من عدد نوّابها، أوّلَ أمرهم، أحجارا لقطع الطريق على الحزب الأوّل.. وتلك هي أولى مهامّهم البرلمانية الثورية دفاعا عن الفقراء والمحتاجين ومحاربة للفساد والفاسدين وحرصا على استقلال القرار الوطنيّ.. نعم الوطنيّ…
الغاية هي تضييق الخناق على الحزب الأوّل الذي سيُضطَرّ، في تصوّرهم، إلى خيارات تجعل من فوزه هزيمة يفرحون بها وذلك حسبُهم ومبلغ علمهم وغاية همّهم:
1. أن يتحالف مع الفاسدين لأجل تشكيل الحكومة.. وبذلك يكون مادّة لصراخهم يُفرغون لأجلها حناجرهم السنوات الخمس القادمة.. “ألم نقل لكم إنّهم أحلاف الفساد في هذه البلاد؟”.. وعلى الله قصد السبيل.
2. أن يعتذر الحزب الأوّل عن تشكيل الحكومة، كما قال نقابيُّهم الذي علّمهم السياسة، ليكون الأمر بيد الرئيس يأتينا بحكومة الرئيس.. ووقتها يخسر هذا الحزب الأوّل من الجهات حميعها:
- يخسر مع ناخبيه الذين رفعوه ليفعل فخذلهم وانسحب.
- يخسر أمام خصومه فاز عليهم في السباق وترك لهم مكانه وانسحب عجزا وجبنا وأشياء أخرى…
- يخسر بانتهاكه للدستور وخذلانه النظام السياسي الذي نصّ عليه الدستور.. وأعاد البلاد إلى النظام “الرئاسوي” بمحض إرادته نتيجة عجزه وقلّة فهمه… ووقتها سيدفع وحده الثمن لأنّه أُخضع فخضع…
ومن أطرف ما في جعبة هؤلاء الصبيان متابعتهم لما يجري من انسحابات من كتلة قلب تونس لفائدة تحيا تونس في إشفاق يذهب بأنفاسهم.. فهم يخشون أن يساهم ذلك في تسهيل الأمر على الحزب الأوّل الذي قد يتحالف مع يوسف الشاهد وحزبه.. لذلك نراهم يستبِقون ملاحقته بتهمة محالفة الفساد…
لهؤلاء الذين يضطرّونني أنا إلى الكتابة في هذه السياسة الملوّثة التي كرهتها وكرهت أهلها والقائمين عليها جميعا.. رئيس حزب قلب تونس فاسد في ذاته والحزب الذي شكّله أداة بيده لتبييض فساده.. فهو يستعمله كما يستعمل المحامين الذين يدافعون عنه… وكلّ نائب منسحب من كتلته فهو منسحب من بؤرة الفساد ولا شيء عليه ما لم تقل النيابة العامّة إنّ عليه شبهة…
لقد وصلت مما أرى إلى الخلاصة التالية:
هؤلاء الفرقاء لو أنّهم وجدوا أنفسهم بين نتنياهو وحركة النهضة فسيختارون الحياد هذا إذا لم يميلوا إلى نتياهو .. وستكون لهم حجّة يقولونها…
هذه ليست سياسة…
هذا عبث..