تدوينات تونسية

رسالة مفتوحة إلى السيد الرئيس قيس سعيد

أنور الغربي

سيدي الرئيس تحياتي واحتراماتي
كان من الواجب أن أنتظر أداءك لليمين ومباشرة مهامك كي أتوجه اليك بالنصيحة ابراء للذمة وأداء للواجب تجاه الوطن ولكن مجريات الأمور وتطور الأحداث وتسارعها دفعتني للكتابة الى شخصكم المحترم الآن.
ويحتم التعامل المنطقي على أن لا أنصحك علنا ولكن صعوبة الوصول اليك من ناحية ومحتوى الرسالة من ناحية أخرى واحتراما لإرادة الشعب الذي يصنع حاضره ومستقبله الآن في الساحات والشوارع والأماكن العمومية، قررت نشر الرسالة المختصرة.
كنت أتمنى أن أكون حاضرا بالبلاد يوم أداء القسم ولكن التزامات سابقة تجاه قضية عادلة تجمعنا جعلتني أكون بعيدا آلاف الكيلومترات عن بلادي ولكن همنا واحد وقضيتنا واحدة واهتماماتنا واحدة أما طرق الوصول إليها فهي متعددة.
سيدي الرئيس أعرف أنه لا وقت لديك لقراءة التحاليل والمعطيات وبالتالي ستكون الرسالة موجزة.
أولا: أنا لست من المؤمنين بما تطرح كبدائل لتسيير الحكم ولست من الداعين لتغيير الدستور بل لتطبيق بنوده وما جاء فيه – برأيي أنت مقدم على تسيير مرحلة والمساهمة في تعبيد طريق للأجيال وسيذكرك التاريخ كرجل مصلح لا كثائر فالمرحلة تقتضي الإصلاح والبناء.
ثانيا: ستصلك تباعا سير ذاتية قادرة على بناء قارات تحت الارض وفوق الارض وفي البرزخ الأعلى – لا أقول لك لا تستفد من الخبرات ولكن علمتني التجربة بأن ما يكتب في السير الذاتية الموجهة شيء والواقع شيء آخر.
ثالثا: سوف يستميت البعض في الوصول اليك وخدمتك “حتى ترضى ويطمئن قلبك” فاحذر من الذين لم يكونوا معك ومن حولك من البداية فالذين يأتون وقت المغانم كثر ولا انت بالخب ولا الخب يخدعك.
رابعا: اجعل من أعوانك ورجالك من الذين كانوا الى جانبك يوم “كنت في قلة” واحذر من أصحاب نظرية التقية والأفكار الهدامة ولا تتعجل في التسميات فإن خير من استأمنت القوي الأمين.
خامسا: سيتهافت الكل لاستمالتك الى صفه من قوى إقليمية ودولية وإن أفضل آلية برأيي لمعرفة المخلص من صاحب المصلحة هو أن تطلب إليهم بأن يساهموا واقعيا في تمويل المشاريع بما في ذلك المعدات العسكرية المتطورة ومشاريع الأمن الغذائي والصحي من أجل إخراج البلاد من دوامة القروض والتسيير اليومي إلى الاستثمار والبناء الاستراتيجي.
سادسا: احرص على أن يكون وزير “الخارجية والتنمية والتعاون الدولي” من المؤمنين فعلا بما تسعى إليه وتبشر به وتأكد بأن من هم على رأس البعثات الديبلوماسية وفي دواوين التنمية والتعاون الدولي من المؤمنين بما تؤمن به وتسعى لتنفيذه بالتوافق مع رئيس الحكومة.
سابعا: ليس بالضرورة أن يكون لديك مستشارين في المسائل العسكرية والأمنية فإن منظومة الأمن الرئاسي كافية فقط وجب زيادة دعمها بما تحتاج من عناصر بشرية ومعدات لأداء مهامها واحرص أن يكون وزير(ة) الدفاع من المؤمنين بالمسار الديمقراطي ومنظومة القيم التي اجتمع عليها التونسيون وانتخبوك كي تكون مؤتمنا عليها.
ثامنا: إن فريق المستشارين ليس حكومة ثانية ويمكن الاستفادة من الكفاءات عبر أطر الدولة الموجودة أو من خلال آليات الاستشارة التطوعية التي لا تلزم بالتسميات والمناصب ولكن تجعلك تستفيد من الخبرات الوطنية في عدة مجالات.
تاسعا: لا تلتفت للذين سيعيدون على مسامعك تحاليل معارك الجامعة التونسية من الستينات إلى التسعينات فالعالم تغير ولك في الكندا وماليزيا وسويسرا والبلدان الإسكندنافية أمثلة عن الاستفادة من كل شرائح المجتمع.
وأخيرا: لا تنسى أن سيد القوم خادمهم وانت اليوم السيد الرئيس وتصبح يوما الرئيس السابق فاجعل من وجودك في الرئاسة انطلاقة حقيقية لدولة المواطنة لا “رزق البليك” والتسيب وانا معك ما دمت على نهج الإصلاح والعدالة للجميع.
المواطن أنور الغربي

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock