لماذا انتخبناكم ؟
نور الدين الغيلوفي
أنت نائب بمجلس نوّاب الشعب.. وأنا من الشعب، فأنت تنوب عنّي وإن لم أخترك.. لقد اختارك نظيري في المواطنة لتكون لي وأكون لك.. فأنت تابعي، أنا، الموطن، ولستُ أتبع غير الوطن…
بعض الناس يصرّون على ملازمة كهوفهم القديمة لا يرون أنفسهم خارجها.. لم ينتبهوا إلى أنّ البشرية صارت في ألفيتها الثالثة.. ولم يتفطّنوا إلى أنّ الأنظمة القديمة، جميعها، في طريقها إلى التلاشي وقد ثارت عليها الشعوب…
وهذه الشعوب العربيّة بدأت، مع الشعب التونسيّ، تجرّب الاختيار بعد زمان الإجبار الطويل…
اختار الشعب التونسي نوّابه سنة 2011.. وكانت تلك هي التجربة الأولى…
وغيّر اختياراته سنة 2014 بانتخاب تشكيلة مجلس نوّاب الشعب المغايرة…
وذهب في تجربة أخرى سنة 2018 مع الانتخابات البلديّة المختلفة…
وهو بصدد تعديل اختياراته سنة 2019 لتكوين تشكيلة الإقلاع…
وفي كلّ مرّة تهتزّ الأرض تحت السياسيين…
السؤال هو: ما الذي يريده الشعب من الذين انتخبهم؟
الذين انتخبوا النهضة ليسوا نهضويين ضرورةً.. ولا هم معنيبن بما يدور في رؤوس النهضويين من أفكار.. والذين انتخبوا اليسار في السابق لم يكونوا يسارا وإلّا لواصلوا انتخابه ولاستمرّ لليسار في البرلمان حضور.. والذين انتخبوا القوميين ليسوا من القوميين.. ولا هم معنيين بمعرفة ما بين حركة الشعب والتيار الشعبي من انفصال…
وعليه فركوب الرأس الإيديولوجيّ القديم والسباحة في المياه الراكدة العتيقة ما عادا يجديان أحدا.. ولا هما يعنيان من المواطنين نفرا…
الناس انتخبوا من يرتضونه لخدمتهم…
لقد دفع اليسار ثمن السنوات التي محّضها للمناكفة وظلّ يتحدّث عن الشعب دون أن تكون له به صلة.. وأظنّ أن بعض السياسيين الذين لا يحسنون القراءة من هؤلاء الذين اتّخذوا من أصوات الناخبين أداة لخوض العراك مع من جعلوا منهم لهم خصوما.. أظنّهم إن هم أصرّوا على هذا الطريق لن تبطىء “لطختهم” في أقرب محطّة للاقتراع…
الشعب الذي ينتسب الجميع إلى اسمه يريد نوّابا يتخلّون عن رؤوسهم ليعتنوا برأسه… الرؤوس التي صُنعت على عين الدكتاتوريات ما عادت تجدي في زمن الحرية…
والشعب السيّدُ المنتخِبُ إنّما يريد:
- متابعة الفاسدين ومحاسبتهم والقصاص له، بالقانون، منهم.
- إشاعة التنمية في متخلِف جهات البلاد لتحرير الناس من حاجة تضطرّهم إلى انتخاب الفاسدين مرّة أخرى…
- مقاومة ارتفاع الأسعار حتّى يستطيع الناس إلى الحياة سبيلا.. بالضرب على أيدي العائثين في الأسواق فسادا والعابثين بأرزاق العباد…
- معالجة المرفق الصحّي بما يراعي الإنسان بمعزل عن جيبه وما فيه حتّى يستردّ الناس حقّهم في العافية.
- إصلاح المرفق التربويّ والنأي به بعيدا عن أيدي العابثين من سياسيين وصوليين ونقابيين متربّصين لا يفقهون علما ولا يراعون تربية ولا يعنيهم غير مصالحهم الشخصيّة ومنافعهم الذاتيّة…
وعليه، بجاه ربّي، دعوا عراككم الركيك واتركوا حساباتكم البليدة وألقوا بكتبكم الصفراء العتيقة وافتحوا كتاب شعبكم الذي انتخبكم لخدمته.. فإنّكم لن تخدموه إلّا متوافقين.. رغم أنوفكم ورؤوسكم الملأى بما لا يعنيه.