عبو ينقذ النهضة

توفيق رمضان

بعد صدور النتائج الأولية للانتخابات التشريعية صرح امين عام التيار الديمقراطي بأن حزبه في المعارضة المسؤولة والجدية كما كان في الفترة النيابية الفارطة.
التصريح لم يعجب النهضويين ومن والاهم ورأوا فيه تهربا وتنصلا من المسؤولية دون بحث في مسببات هذا التصريح ولا تقييم لوجاهته من عدمها، دون طرح لماذا هذا التصريح ؟
موقف البقاء في المعارضة متفق عليه منذ مؤتمر الحزب في أفريل 2019 أساس ذلك التجربة التي خاضها السيد محمد عبو في حكومة الترويكا والتي خرج منها بقناعة زادها الواقع تأكيدا بأن النهضة لا رغبة لها في الاصلاح بل مرادها فقط هو السلطة والبقاء فيها لاطول فترة ممكنة خوفا وطمعا، خوفا من سيناريوات وكوابيس لازالت تسيطر على ذهنيتها وطمعا في مغانم السلطة والحكم وهذا ما حال دونها ودون فتح الملفات الكبرى وقادها إلى التصالح والتماهي مع الفسدة. المافيا وأصبحت جزءا من السيستام.
عندما تولى محمد عبو حقيبة الاصلاح الاداري وجد عقبة رئيس الحكومة أمامه فلم يمنحه الصلاحيات التي تتيح له امكانية الفعل والعمل والاصلاح فانسحب في هدوء ليس هروبا كما يدعون بل انسجاما مع الذات فلا يريد لعب دور صباب الماء على اليدين ونيل امتيازات وزير وصلاحيات عون أرشيف مع احترامنا لهذا الاخير.
رفض النهضة منح وزير صلاحيات ارادها للقيام بمهمته على احسن وجه هو ما جعل التيار يفترض ان نفس الحزب لا يمكنه منح الصلاحيات نفسها الان ويزيد عليها وبناء على هذا التوقع قال بان التيار في المعارضة.
طلبات محمد عبو أتت لتوضح الصورة ورؤية التيار لكيفية مشاركته في الحكم بل لنقل طلبات من شانها انقاذ النهضة من مازقها، كيف ذلك ؟
طيلة فترة حكمها عللت النهضة فشلها بالدولة العميقة التي تعرقل كل عملية اصلاح وتقف حاجزا أمامها، ترمي فشلها على المنظومة وغياب ثقافة العمل وحالة التسيب والنقابات التي تمنع معاقبة المتخاذلين في كل مجال. أمام هذا الوضع طالب التيار بوزارة الاصلاح الاداري لرغبته في مواجهة المنظومة والدولة العميقة وتفكيكها بعلوية القانون وسيادته وهنا لا افهم كيف ترفض النهضة عرضا كهذا يجنبها خوض معركة مباشرة مع من تخشى مواجهتهم فإن نجح التيار فهي معه وإن فشل تنصلت منه وخسر هو شعبيته.
أكثر التهم الموجهة للنهضة هي سيطرتها على القضاء فالكل يتحدث عن قضاء البحيري المتستر عن الجهاز السري والغير راغب في كشف حقيقته ومدى ارتباطه بالاغتيالات السياسية، كذلك حكاية الامن الموازي الذي اخترق الداخلية وكان سبب انتشار الارهاب بعد التساهل معه، لذلك مقترح عبو بتولي وزارتي العدل والداخلية من شانه ان يزيح التهمة المتعلقة بتدجين القضاء واختراق الداخلية وحتى عندما تصدر الاحكام بتبرئة النهضة سوف لن يشكك أحد. إذا كان القضاء مستقلا والامن جمهوريا كما يروج الائتلاف الحاكم معتبرا ذلك مكسبا حققته الحكومة رغم العجز والفشل الاقتصادي، فالنهضة من صالحها أن يتولى طرف سياسي غيرها هذه الوزارات الحساسة خاصة إن كان طرفا ثوريا بعدما تولاها من قبل من لم تكن تثق فيه.
عبو بطلباته ينقذ النهضة ويعطيها فرصة للالتفات لملفات التمنية والتربية والاقتصاد بابتعادها عن المعارك اليومية مع اللوبيات وملفات الارهاب وكل ما هو مرتبط بالصراعات الهووية.
لماذا ترفض النهضة عرض التيار وتتمسك بوزارات عانت فيها الويلات وكانت سبب فشلها ؟

Exit mobile version