علاش خايفين ؟ انتخبوا تكونوا…

نور الدين الغيلوفي

أيًّا تكن نتائج الانتخابات التشريعيّة والرئاسية، لن تعود البلاد إلى الوراء وإن حكمها اللصوص وعادت إليها الغربان واستباحتها المافيا.. ومتى لم تكن المافيا على الباب؟ ومتى أمنت بلادنا شبكات المخابرات الراتعة؟
الحرية حقلٌ غنمته الثورة.. والديمقراطية، على علّاتها، صارت هي المآل.. قد يتعطّل الإنجاز مرّة أخرى وتستعصي زراعة الحقل بما نريد ولكنّ الوراء المظلم تقهقر بعيدا.. ولن يعود…
جاء النداء سنة 2014 بأقبح الوجوه وأفسدها إلى المشهد لأجل مصادرة الخصوم.. وشنّ الكلّ حربا ضدّ الكلّ.. ولكنّه لم يجد بدّا من التحالف مع حركة النهضة التي ما جيء به إلّا لأجل القضاء عليها.. حكمت المنظومة من جديد، وظلّت النهضة شوكة عالقة لا أكثر.. عاجزة عن الإنجاز المرئي ولكنّها ظلّت هي القائمة التي تمنع المبنى من السقوط… اكتفت من الحكم بـ”العبرة بالمشاركة”، ولم يكن الشعب معنيا بالعبرة ولا ترضيه المشاركة، ولكنّها حرصت على الجذوة حرصها على مصلحتها.. وخسرت بفعل ذلك الكثير الكثير.. انفضّ من حولها بعض أنصارها وغير قليل من المتعاطفين معها…
وتحالف الإعلام مع الإرهاب مع الاتّحاد مع بعض السياسيين مع بعض أنظمة الدول الأخرى لتدمير المسار الذي بلغته البلاد بفعل ثورتها ولكنّ أسلحة هؤلاء ظلّت تطلق للخلف.. قد تكون نجحت في تلويث المشهد وتعطيل المكاسب وتدمير الروح المعنوية.. ولكنها عجزت عن نشر الخراب الذي تحالفت لأجله.. وظلّت البلاد تتنفّس بصعوبة.. ولكنّها على قيد الحياة…
حدثت انقلابات شتّى ونشبت عراكات لا حدّ لها بين فرقاء في السياسة وفي أشياء أخرى كان يمكن لهم، لو احتكموا إلى العقل، أن يجدوا أرضية مشتركة يبنون عليها عمارة الوطن الذي يسكن الرؤوس ولكنّه يمتنع عن الإنجاز بفعل غبائهم المستحكم الذي لا يزال يملي عليهم منطقا واحدا عنوانه “عليّ وعلى أعدائي”…
رغم كلّ ذلك لا تزال السفينة تسلك طريقها في بحر لجيّ تهاجمها الأمواج من كلّ جانب في حين غرقت سفن مجاورة أكلها البحر وكسرتها حيتانه…
الحالة التونسية هضمت كلّ شيء.. حتّى مسامير الطريق هضمتها.. ألم تر كيف أنّ أصحاب أطروحة “الربيع العبريّ” ينخرطون في معركة الانتخابات بهدف الوصول إلى الحكم لبدء الربيع العربيّ الذي لا ينزل من رؤوسهم؟ ألم تهضم معدة الثورة أعداءها الصريحين.. يلقّبونها بثورة البرويطة ولكنّهم لا يجدون بدًّا من ركوب البرويطة لتحقيق آمال لهم لا تزال عالقة.. لعلّ البرويطة تدير عجلتيها إلى الوراء.. ربّما…
قد تأتي الانتخابات بما لا نشتهي، وهذا وارد جدّا في ظلّ هذا الاحتقان الذي نحن فيه، وقد يتأجّل إنجاز الأحلام مرّة أخرى بفعل سياسة قتلتها دولة الاستقلال ولمّا نبتت مع الثورة خالطتها طفيليات كثيرة قد تحول دون أن يشتدّ عودها ولكنّها لن تعيد قتلها.. قد لا يتحقّق ما نشتهي.. ولكنّنا سنظلّ نحاول في عناد.. يحكمنا الأمل…
بدل الخوف ونشر اليأس وألوان السواد، أقبلوا على الانتخابات بكثافة.. فأصواتكم تحرير للبلاد وتنوير لطريق نوّابكم.. انتخبوهم ثم حاسبوهم محاسبة دورية حتّى لا يركنوا إلى جراياتهم يخزنونها وإلى حصانة لا تفيد..
ولا تنتخبوا من جاءكم يسعى طمعا في مجد لن يتعدّى إليكم منه شيء وإن تصدّق وألحق فعله بالمنّ والأذى.. لتكون له السياسة والرئاسة.

Exit mobile version