تدوينات تونسية

كلها مسألة جرأة

كمال الشارني

تغلق تونس كلها كان لزم، أنت لا تخشى شيئا،
خلاصة عمري المهني وما رأيته في أسفاري في مقارنة بوضعنا اليوم: في المجتمعات التي نحلم بها يستيقظون صباحا بإحساس أن ثمة دولة صارمة وعادلة وأن من يخالف القانون لن يفلت من العقاب، ونحن نستيقظ بإحساس أننا بلا دولة: تحرق ضوء، تمشي في الاتجاه المعاكس، تستولي على الرصيف تأخذ عليه إتاوة، على نصف المعبد، تغلق الطريق كله، تغلق الطريق إلى البحر أو المدرسة أو حتى قصر قرطاج، تستولي على الحقيقة في مربع تلفزي حقير وتنشر الأكاذيب والكره بين الناس، تقفز في أول الصف في البوسطة أو الكنام،
تغلق تونس كلها كان لزم: أنت لا تخشى شيئا، كلها مسألة جرأة، نحن مجتمع يستثمر في الوقاحة والجرأة، عندي صديق جامعي فضح في إذاعة خاصة تحويل فضاء عمومي إلى مزبلة، فجاءوا نظفوه، ألم يروه قبل أن يفضحهم؟ لا، كلهم كانوا يرونه يوميا منذ أسابيع، كما يرى كل مسؤول العوج يوميا، إنما ليس لديهم لهم مبرر للعمل، البارحة وقعت حرب أهلية مصغرة بين بعض منحرفي حي الأكراد وحي النور، علاش؟ لاعتقادهم أنه ليست هناك دولة، قد يتوسع ذلك في ظل الاحتقان  وضعف الدولة، لأن أول إنجازات الدولة هي أن يقوم المنحرفون صباحا مذعورين خائفين، وأن يقوم بقية خلق الله إلى شؤونهم مطمئنين إلى سهر الدولة على تطبيق القانون على الجميع، حين أتذكر ما أعرفه عن تضحيات رجال أمن وحرس وجيش في الجبال والصحراء والحدود باسم مكافحة الإرهاب وأرى الإهمال اليومي في تطبيق القانون في المدن والقرى، أقول إن المعركة خاطئة تماما، لقد غلبت الجرأة على القانون خطر الإرهاب.
سركونة العدالة والمقاومة:
لو، لو ترشحت في قائمة سلطة تشريعية، لكان لي طلب واحد إن أصبحت نائب شعب: أن أنصب خيمة أمام وزارة الداخلية من أجل إحداث فرقة أمنية خاصة للبحث وإيقاف المنحرفين المطلوبين في مناشير التفتيش الأمنية والقضائية بدءا بذوي المكانة والعلاقات والصفات الحكومية المحصنة، وتقديم تقرير أسبوعي إلى مجلس النواب حول تقدم عمليات الإيقاف، مع تمكين المواطنين الذين كانوا ضحايا لأعمال إجرامية أيا كان نوعها أو شهودا على قضايا فساد من تقديم قائمة أسمية في المتهمين لمطالبة وزارة الداخلية بجلبهم وتقديمهم إلى القضاء، لا شيء أكثر مرارة من الظلم، خصوصا حين تقول لك الدولة “برا اشكي”، ولا تستطيع أن تستأجر من يسمع شكواك، كاتب هذا لا يصلح للسياسة، فقط للمقاومة أيا كان الحاكم، من سركونة أحييكم، من أجل العدالة،

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock