تدوينات تونسية

قيس سعيد والقفز بالزانة

توفيق رمضان

أنا من الذين سيصوتون له في الدور الثاني، لكن كلمات أردت قولها بعد حوار في الوطنية.
هناك جوانب أقنع فيه قيس سعيد وربما فاجأ بها أنصاره قبل منافسيه لكن هناك بعض النقاط التي لم نكن نعرفها من قبل أو لم نكن ننتظر أن يكون موقفه منها بذلك الشكل.
في سؤاله عن الملف الليبي أجاب بانه مع الشرعية الدولية ! أي شرعية يقصد ؟ فهل نسي أن مجلس الامن ومن ورائه الامم المتحدة هما أداة في يد الامبريالية تستعملها لتؤدب من يخرج عنها لتعيده لبيت الطاعة، ألم يُدَمَّرْ العراق بالشرعية الدولية ؟ نفس الشرعية التي تعترف بالكيان الصهيوني وبحكومة ابو مازن وتصنف حماس كحركة ارهابية وحزب الله كذلك، وهما عنوان المقاومة عند غالبية جمهور قيس سعيد.
في سؤاله حول علاقتنا مع الاتحاد الاوروبي وفرنسا تحديدا وملف الاتفاقيات المتعلقة بالطاقة أجاب عكس ما كان ينتظره أنصاره، فقد شدد على شراكتنا مع الاتحاد الاوروبي الشريك التاريخي والاول وكذلك أبدى ليونة كبيرة في موقفه من فرنسا ولم نسمع خطابات رنانة من قبيل وثيقة الاستقلال وهل نحن مستقلون فعلا ؟ بل حتى الاتفاقيات قال بانها ستتواصل احتراما لمبدأ استمرارية الدولة فلم نسمع دعوة لالغائها أو مراجعتها حتى، رغم أن مريديه يقولون أن ما يفصلنا عن ثرواتنا هو كرسي قرطاج وأن فرنسا آن لها أن ترفع أيديها عنا.
عند سؤاله عن موقفه من المساواة لم تكن اجابته قطعية كالسابق بل حاول الحديث والتمييز بين المساواة والعدل بل جعله أساسها مستشهدا بأن الرجل مطالب بالانفاق على زوجته والعائلة عكس الزوجة وهذا مجانب للصواب فالفصل 23 مجلة الاحوال الشخصية ومنذ تنقيح جويلية 1993 أصبح ينص «على الزوجة أن تساهم في الانفاق إن كان لها مال…» ثم قال بأن صاحب المال في قائم حياته له حرية التصرف والقسمة بين ورثته كما يشاء وهو نفس الموقف الذي تم تكفير البعض على أساسه، فلم نسمع أن المسالة حسمها القرآن كما قيل سابقا بل حاول الهروب من الاجابة المباشرة وعوم المسألة.
أغلب أنصاره لهم موقف من اتحاد الشغل ويرونه سبب الوضعية الكارثية في البلاد لكن قيس سعيد قام بزيارة للاتحاد وجلس للطبوبي وهو ما راى فيه بعض داعميه طلبا للتعميد أو نيلا للرضا (من خلال بعض التعليقات) وهذا ما كان سيقوله أنصاره لو قام مرشح آخر بنفس الزيارة.
عند التعرض إلى برنامجه المؤسس على الحكم المجالسي وما يعنيه ذلك من الغاء للاحزاب كما قال سعيد في تصريحات سابقة للصحف لذلك انتشر القول بأن ما اهلكتنا إلا الاحزاب وكثرتها. إلا انه فند كل ما قيل بشان ذلك.
ما يلاحظ أنه بعد الدور الاول قفز قيس سعيد قفزة بالزانة تعدى بها منطقة ليبلغ أخرى ربما طمأنة لبعض القوى في الداخل والخارج، ربما وعيا منه باهمية المنصب والدور كذلك، فهل سيحافظ على الشعرة أو الخيط الذي بينه وبين انصاره الذين رسموا له صورة في أذهانهم كما يحلمون بها، وهم المغالون في التشيع له، وربما لا يرضون منه خطابا كهذا فيخرجون عليه وعنه أم أنه سيربح اصواتا أخرى اطمأنت له ؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock