عادل بن عبد الله
في عهد بن علي، كانوا في الجامعة يحدثونا على ضرورة تبني “الإلحاد المنهجي” باش نكونوا “علميين” و”حداثيين” ونبعدوا على “التخلف” و”الجهل” (والتعبير هذا يقصدوا بيه نظريا “تحييد” القناعات الإيمانية متاعنا وكأننا في مخبر موش في مجتمع تحكمو انظمة رمزية واقتصادية ما انجموش نكونوا محايدين تجاهها سواء كنا مؤمنين والا ملحدين، والحقيقة إنو الإلحاد المنهجي كان يعني علميا الايمان بخرافات أتعس المستشرقين وأسوأ المناهج الصهيو-يمينية المتطرفة، وكان يعني عمليا تبني سياسات الدولة متاع تجفيف منابع التدين موش تجفيف منابع الإرهاب فقط)، وتوا بعد الثورة، نفس النخبة البائسة (تربية لجان التفكير وحلفاء البوليس السياسي) خذات خطوة جديدة باش تزيد تضيقها على خلق ربي : “الإلحاد الإداري”.. اش معناها “الإلحاد الإداري” رغم انو ما عندهمش الجرأة باش ينطقوا التعبير هذا؟
بالطبيعة الإلحاد الإداري (اللي يسموه حيادية الدولة ورفض الأخونة) كان موجود من عهد بن علي (لأنو اي متدين والا حتى قريبو شخص متدين كان ممنوع من الوظيفة العمومية بحكم التقرير الأمني اللي تعملو الشُّعب والبوليس السياسي)، لكن الظاهرة هاذي ولات توا واضحة أكثر في عهد القساوات اللي يحكموا فينا، يعني باش تكون موظف “مثالي” موش مشكل تكون فاسد والا مقصر في خدمتك (والا تقول “موت ستة مواطنين موش برشه”، والا تقول “المطر في نابل باهية للفلاحية”)، المشكل الوحيد وقت تعمل أي إحالة على الدين، وقتها تولي مشبوه ومتخلف وتابع خطة “أخونة الدولة” (على أساس انو “ألحدة الدولة” ردتنا من الدول المتقدمة).
مختصر الحكاية: من حق أي انسان إنو يعبر على قناعاتو الإيمانية (وكان عندو الجرأة من حقوا زاده يعبر على قناعاتو الإلحادية والا “اللا أدرية”)، لكن التعبير على القناعات هاذي ما يلزمش يكون أساس المحاسبة ليه والا أساس مدحو والا ذمو. الأساس الوحيد للمحاسبة يلزم يكون مهني، يعني مرتبط بالطريقة اللي يؤدي بيها دورو في خدمة الدولة.
المؤكد إنو أغلبية الشعب ماعندهمش مشكل مع الدين (عكس أغلب النخب) لكن مشكلتهم الأساسية هي مع الفساد والتقصير والمحسوبية والزبونية والجهوية وغيرها من الآفات اللي برشه “نخب” تحرص باش تلهي المواطنين عليها وتشغلهم بخرافة الدفاع على النمط المجتمعي والتصدي لأخونة الدولة… وفي الحقيقة الناس هاذومة، يعرفوا مليح إنو اللي طيح قدر الدولة وردها مزرعة عايلية وجهوية هوما المافيا اللي رجعوها تحكم باش يسترزقو منها من حلالك وحرامك.