تدوينات تونسية

من حقّنا أن نسأل

نور الدين الغيلوفي

لا أحد يبحث، بحثا مجانيا، عن مشقّة السؤال لأجل السؤال.. وليس التساؤل خدمة لجهة بعينها ولا قلقا على مصير توجّه سياسيّ معيّن.. قلقي الرئيس لأجل البلاد والإنسان بها لا أكثر.. وليس يعنيني حزب سياسيّ بعينه.
لا أريد أن أنخرط مع جوقة الإعلام وبقايا المنظومة البائدة وأذرعها المافيوزية في مهاجمة قيس سعيد.. فالرجل أهل لكلّ احترام.. وليتني وجدت طريق العقل سهلا لدعمه والسير في ركابه.. ولكنّ بي حيرةً أحتاج مشاركتكم فيها.. هي حيرة تقوم على جملة من القرائن والحُدُوس.. قد يأتي تفصيلها لاحقا.
حين ندعو إلى الحذر لسنا نصدر حكما في شأن أحد.. الأمر مربك فعلا لأنّنا نخاف، بما نفكّر فيه، أن نصبّ في مصلحة المافيوزي نبيل القروي.. وأنا قد أنتخب شيطانا متى كان منافسه البذيء نبيل القروي.. ونفسي لا يمكن أن تتصالح مع المنظومة الفاسدة البائدة…
إنّه لا يكفي أن يكون لقيس سعيد ذلك البروفايل الصلب المستقيم الذي يعاديه إعلام الجوقة حتّى نصطفّ خلفه جنودا بلا أدنى تفكير…
صعود الرجل الصاروخي ليس أمرا عفويًّا ولا هو وليد زمن الحملة الانتخابية.. بل هو نتيجة عمل ميداني قديم من وسائله المجموعات الافتراضية المغلقة التي تحوّل منتسبوها إلى أنصار بالآلاف…
الرجل قدّم اقتراحاته في النظام السياسي الذي ينظّر له منذ 2011 تقريبا.. وهي، تقريبا الأفكار نفسها التي وجدناها في نصوص لمدير حملته رضا شهاب المكّي الشهير بلينين.. معنى ذلك أنّ ورشة تفكير أنتجت ظاهرة قيس سعيد…
وقد عمل سعيد لأجل تحقيق أفكاره في صمت مريب لا نستطيع أن نفهمه، لأنّ الذي يستهدف خدمة البلاد، حتّى من خارج السيستام، يفتكّ تحت الشمس له موقعا في مناخ الحريات ولا يتصرّف كما تتصرّ ف الجماعات السرية الباطنية…
الشريحة التي انتخبته هي شريحة الشباب الذي وجد خيبة مبرَّرة من المنظومة الفاشلة التي حكمت البلاد منذ 2011.. شريحة هشّة نشأت في لحظة رخوة من تاريخ البلاد غاب فيها الوضوح وتلاشى اليقين وتحطّمت على صخرة الواقع المضطرب مختلف السرديات التي جاءت لوراثة النظام البائد.. وكان لا بدّ من ظهور نبيّ…
تسلّل قيس سعيد وطاقمه الذي لا نعلمه وربط شبكة علاقات واسعة مع تلك الشريحة مستثمرا خيبتها ضاربا على أوتار هشاشتها بخطاب طوباويّ عناوينه اللامركزية والتمثيل المحلّي والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطنيّ.. وبهيئة زاهد قادم من ظهر الغيب.. هيئة تقطع مع صورة السياسيين النمطية وتفرض التصديق…
أن يجمع قيس سعيد بين رضا لينين ذي الخلفية الماركسية ورضا بلحاج القيادي بحزب التحرير الإسلاميّ وبعض الوجوه الثورية الراديكالية الجذرية فذلك إمّا دليل على عبقرية نادرة جعلته يجمع بين النقائض أو دليل على أنّ الجهة المنظّمة أكبر من رغبة طوباوية ذات أثر معجز…
ثمّ كيف استطاع أن يجمع هذا العدد الكبير من الأنصار في هدوء؟ كيف أمكنه أن يحوّل نفور الشباب من السياسة إقبالا عليها؟
حدّثتني والدة طالبة جامعية قالت إنّ ابنتها قدمت من المنستير إلى قابس لتنتخب قيس سعيد ثمّ عادت…
أيّ سرّ فيك يا قيس سعيد؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock