تدوينات تونسية

الثابت أن دعاة الثورة هم أعداؤها

أبو يعرب المرزوقي

منذ وفاة السبسي تكلمت على تغير اللعبة التي كانت تكتيكيا قيادات النهضة تعمل بمقتضاه منذ انقلاب الشاهد على الباجي. ومع ذلك واصلت النهضة نفس اللعبة والبحث عن العصفور النادر.
ولما تواصلت هذه العملية صار التشكيك في ما تدعيه حاليا مشروعا. ويعسر أن يصدق الإنسان من شارك في تصعيد الشاهد الذي هو أعدى أعداء الثورة ليس حكما على النوايا بل على الأفعال.
وقد توقعت أن نفس الخيانة للسبسي ستتكرر مع الغنوشي الذي استعمل حجة الاستقرار الحكومي استعمال حق يراد به الباطل ضد نفسه وضد الحركة التي لم يبق لها صاحب في الصفين الذي يريد عودة النظام القديم والذي يسعى للنظام الجديد.
لكن موقفي من صف ادعياء الثورة أكثر صرامة من قيادات النهضة التي كانت تحاول التكيف مع وضع ليس مقصورا على تونس بل هو إقليمي ودولي يجعل أدعياء الثورة في حقيقة الامر أكثر خدمة لصف الثورة المضادة مما يتهمونها به من توافق لم تختره طمعا في شيء عدى الابقاء على نبض الثورة حيا حتى تمر العاصفة. وهو الأمر الوحيد الذي يشفع لها ولقياداتها عندي رغم كوني كنت ولا زلت أعتقد أنهم كان يمكن أن يكونوا أكثر شجاعة في التصدي.
ولأبدأ بأكثر أعضاء صف الثورة صدقا وأمانة أعنى المرزوقي لأشير لعلل رفضي رؤيته في توهم علاج مشاكل تونس يكفي فيه اختياره هو رئيسا ودعواه حماية الإسلاميين قلبا للحقائق: فهو من دونهم ليس له وجود سياسي أصلا لان من يحتمي بمانديلا وشيراك ليس سياسيا كبيرا خاصة بعد فشل التقرب من ابن علي.
لذلك فقد عارضت تعيينه الأول دون ضجيج.
وقاومت ترشحه الثاني صراحة وسعيت لإفشاله.
وأعارض ترشحه الحالي الذي اعتبره خيانة موصوفه للثورة لأنه يعلم أنه لن ينجح وأقصى دوره هو المشاركة في إنجاح أحد اعدائها.
ولست ضده لشك في أخلاقه أو في ثقافته أو في اخلاصه كما بينت له ذلك لما سألني عن موقفي منه مؤخرا..
ما فعلته في موقفي منه هو ما أراه واجبي في خدمة الثورة التي شاركت فيها بقدر استطاعتي. ولما تبين لي استحالة المشاركة في المنعرج الجديد للحركة التي سعيت للتعاون معها استقلت صامتا.
وما فعلته في 2014 لم يكن خدمة للباجي أو خيانة للثورة كما يتوهم الحمقى من المستفيدين من المرزوقي أعني أولئك الذين خانوه لما يئسوا من الطمع فيه.
فقد كان قصدي التسريع في عودة النظام القديم وهو ضعيف بقيادة شيخ لا مستقبل له فيكون مضطرا لتجنب المجابهة التي كان يمكن أن تنهي كل أثر للثورة يمكن أن يمثل قوتها السياسية الكبرى أعني النهضة.
فكل المتكلمين اليوم باسم الثورة لو سقطت النهضة ثانية لا قدر الله لدخلنا حقبة أخرى أطول من حقبة ابن علي فضلا عن كون نجاح المرزوقي لو نجح في 2014 فإن ذلك كان سيكون فرصتهم لضربها منذئذ به وبجماعته الذين نراهم اليوم في الحزيبات التي نشأت عن تفتت حزبه باسم ثورة لفظية هي في الحقيقة شعبوية للوصول إلى الحكم من جنس كل المكثرين من الشعارات.
أما لماذا لا اعتقد أن المرزوقي يصلح للرئاسة فأول العلل أنه يتصور نفسه وكأنه ولد ليكون رئيسا دون أن يكون له شرطها الاول والاخير أعني القوة السياسية التي يمثلها والتي يكون لها الثقل الكافي لقيادة الدول. فمن فشل في قيادة حزيب كلنا يعلم أن جل المنتسبين إليه انتفعوا منه وخانوه فتفتت إلى خمسة حزيبات من جنسه ولعلها أدهى وأمر من حيث العنتريات والاعتقاد بأنهم ولدوا ليكونوا رؤساء لا يمكن أن يكون قادرا على قيادة تونس خاصة إذا كان يعتبرها مثلما كان يعتبر القذافي ليبيا جماهيرية عظمى.
والآن أنا أكثر معارضة لترشحه الثالث مني في الأول وفي الثاني. فهو لا يريد أن يخرج بكرامة بل هو سيخرج في أدنى منزلة في الرأي العام الناخب وبوصفه ساعد أعداء الثورة في الصفين على أنهاء حقبتها.
فهو يشجع “المتناقزين” مثله على الرئاسة ممن ليس لهم مؤهلاته الثقافية ولا الخلقية بدلا من الوقوف ضدهم وهو بذلك سيجعل أسفل الساسة من الصف الذي يسعى لإعادة النظام بإعادته ديموقراطيا لأن الفشل هذه المرة سيطال جميع من ينبض فيه بقيم الثورة. ولا أحد من المتكلمين باسمها في هذه الحزيبات منهم بدليل التسرع الدال على الطمع وليس الإخلاص. فلا أحد يمكن أن يثبت بحق إخلاصه للثورة بمجرد الاقوال لأن نسبة الصدق في نسبة عكسية مع المزايدات.
اما بقية المترشحين فلا يستحقون أن أعلق عليهم لأن مجرد ترشحهم مباشرة للرئاسة دليل حمق ومرض نفسي قد يكون استسهالا باسم التشبيب والشعبوية متوهمين أن ما كرون نجح لأنه شاب مثلهم.
لا أحد منهم له مؤهلات ماكرون ولو ذرة ولا سنده في مجتمعه. فلا هم قابلون للمقارنة معه شخصيا ولا لهم ما له من سند مستمد من قاعدة شعبية ومن انشطة مقومة لحيوية الأمة الفرنسية. فالسند في تونس إن وجد فهو مافياوي وهو يذهب إلى مرشحي الثورة المضادة التي اختارت اصحاب خبرة ليس في السياسة فحسب بل وكذلك في مجالات معترف بها دوليا ولا يكتفون بمجرد الشعبوية والشعارات الثورية.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock