الثلاثاء 24 يونيو 2025
عبد السلام الككلي
عبد السلام الككلي

قرعة مناظرة الانتخابات الرئاسية: هل أخطأ العدل المنفذ ؟

عبد السلام الككلي 

طبعا العدل المنفذ في قرعة المناظرة الرئاسية لم يرتكب اي جرم. ولقد ثبت ذلك بالصورة المكبرة التي عرضتها الوطنية 1 في نشرتها الرئيسة بالأمس. اليد التي اخرجها من جيبه كانت بلا شك فارغة وكل الاتهامات بوضع ورقة اخرى في الصندوق لا اساس لها من الصحة بل لعلها عند التدقيق مخالفة للمنطق اذ ان وضع ورقة في الصندوق امر لا معنى له اذا كانت الاوراق الـ 26 وهو عدد مطابق لعدد المترشحين قد وقع عدها قبل وضعها في الصندوق. فإضافة ورقة أخرى يعني انه ستبقى ورقة زائدة عند توزيع كامل الاوراق الـ 26 على المترشحين وهو امر لا يمكن ان يتصوره أحد.. لان العملية اذا ما وقعت ستكون مفضوحة تماما.
غير ان لدي ملاحظة تتعلق بسلوك هذا العدل… مأمور عمومي في جلسة رسمية يغطيها الاعلام الوطني والدولي يسمح لنفسه بان يضع يده في جيبه وهو المسؤول عن اخراج اوراق القرعة وعرضها امام الكاميرا وكانه في مقهى عمومي.
هو مجتمع قمع دام عشرات السنوات ملأ الرؤوس بالدروس النظرية ولكنه فشل ايما فشل في تعليم مسؤولين محلفين ادنى قواعد السلوك المهني.. العدل بلا شك لم يخطى خطأ جزائيا ولكنه اخطأ لا محالة سلوكيا وادبيا.. علموا مثل هؤلاء ارجوكم منظومة قيم وسلوك قبل ان تعلموهم قواعد القانون.
اذكر انني في احدى حصص الشفاهي في الجامعة تقدم اليّ طالب وهو يضع يده في جيبه قلت له «يا ولدي نحن في امتحان فاخرج يدك من جيبك فهذا لا يليق» ثم اردفت بهذه الملاحظة “لا صلة لما قلته لك بالعدد الذي سأسنده اليك ولكن لها علاقة بآداب مع الأسف لا نتعلمها في الجامعة ولكن تعلمها لنا الحياة والدربة”.. كل هذا يدل على فراغ في التكوين والتأطير وهي مسالة تتعلق عموما بهيبة دولة مغشوشة.. تعرضت كل عيوبها الان الى الفضائح.
لا اريد ان اتحدث ايضا عن مرشح للرئاسية وهو في الاصل قاض يقف تلك الوقفة التي انتشرت على الفيسبوك في المناظرة. راينا كلنا صورة لا تليق لا بقاض ولا برجل تقلد مسؤوليات سامية في الدولة ومنها وزارة العدل ولا بمرشح للرئاسة.
لماذا جررت على نفسك ايها العدل كل هذا اللغط ؟ لماذا ساهمت بسلوكك في فتح باب الشكوك والاتهامات والتخمينات ؟.. انت بلا شك منزه عندي عن التدليس ولكني لا انزهك عن سوء التصرف والخفة. انت يا سيدي ملتزم ككل مأمور عمومي بالظهور بمظهر لائق وإتباع سلوك قويم اثناء تأديتك لواجباتك الرسمية بما يعزز من هيبة المؤسسة القضائية التي انت واحد منها وممثل لها الى حد ما في واقعة ستظل ابرز حدث صنعته الثورة. انت مطالب بتعزيز ثقة المواطنين في سلكك ولكنك فتحت الباب بتصرفك امام القيل والقال.. نعم دافعت عنك التلفزة التونسية ولها الحق في ذلك.. ولكن -ولئن نجحت تماما في تبرئتك من التدليس- فما اظنها نجحت في تبرئتك من فقدان اللياقة وسوء التصرف… فهي مسالة لا تهمها في بلد لا تعنيه كثيرا تفاصيل السلوك الحضاري والمؤسسي.
هيبة الدولة ليست بالمعنى القمعي الذي نشرته قرون الظلم والاستبداد بل في سلوك موظفيها امام الراي العام وفي كل موضع يمارسون فيه مهنتهم… وكم هي الأدلة المحزنة على فساد سلوكنا الحضاري !!!.


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

عبد السلام الككلي

تجربتنا المريرة مع محنة “الرئاسة مدى الحياة”

عبد السلام الككلي  رئيس الجمهورية في النظام الجمهوري هو رئيس الدولة ويتميّز هذا النظام أساسا …

عبد السلام الككلي

3 أوت عيد ميلاد الرئيس: عاش سلطانا ومات غريبا بين أهله

عبد السلام الككلي وعلي الجوابي يقول التاريخ الرسمي أن الحبيب بورقيبة ولد يوم 3 أوت 1903 …

اترك تعليق