هبنقة الزبيدي
الأمين البوعزيزي
مذ كنا صغارا فتحنا أعيننا على أبناء الجيش التونسي أقارب لنا، محترمون جدا، يحاذرون ارتكاب أي خطأ ينال من هيبتهم… في عمر المراهقة صرنا نتحدث في الشأن العام المحلي والعربي، وإذا ما صادف وجود عسكريين معنا في المقهى أو سيارة النقل، ما كنا نتهامس أبدا أبدا خشية منهم (كما نخشى بوليس التعليمات المبثوث في حليب القهوة وشايها وسيارات النقل وبائع الصحف وبائع الفول أمام الحانات، وإمام الصلاة…). فقط كان يشدني صمتهم الغامض وعدم مشاركتهم في أحاديثنا لا تناغما ولا إدانة…
كبرتُ وعرفتُ أنها عقيدة الحياد السياسي… اشتد العود وصرنا نشارك في المسيرات إسنادا لفلسطين وليبيا والعراق، واعتصامات إسناد غلابى البلد، لم نر عسكريا يقمعنا أو يتلصص على أنفاسنا…
أثناء أكبر إنتفاضتي خبز 78 و83 كنت صغيرا لا تحفظ ذاكرتي عنهما الكثير حول أدوار الجيش…
لكن تمرد مغامري السبعطاش أسرده بتفاصيله… حوصرت سيدي بوزيد وبلداتها بآلاف من ذوي الزي الأزرق الداكن لردع المنتفضين ومنعهم من فرض السيادة المواطنية على الشوارع باعتبارها أحد أهم عناوين الفضاء العام موضوع التنازع الأزلي بين المواطنين والحكام، بين الديموقراطية والاستبداد… آلاف يقودهم ضباط من أعلى أعلى الرتب هناك في البناية الداكنة في شارع الشعب يريد منذ عام 38 ساعة تغيب بورقيبة ليركب التضحيات لاحقا..
لم نر مؤسسة الجيش إلا لاحقا… دخلوا المدينة ساعة حوصرت الأزياء الزرقاء في مبنى لجنة التنسيق التجمعية ذات مساء وطلبوا مهلة دقائق فقط للانسحاب… وخرجوا تحت وابل بل قل طوفانا من الحجارة، بعدما تلاعب الشباب الثائر ببعض خوذاتهم بين الأرجل، وقد كان ذلك علامة نهاية رمزيا… بعدها دخلت مدرعة عسكرية شكلها موحش لا يشي بشيء عريضة جدا كي لا تنقلب وبلا نوافذ لتأمين سلامة من فيها… أستقبلت بهتافات هستيرية لم أمسك دموعي أمامها فرحا ساذجا وخوفا غامضا (أطلب من شباب سيدي بوزيد المشتبك أيامها التدخل لتفنيد ما كتبت إن كان مجانبا لحقيقة ما كان يجري…). دخلوا مقر لجنة التنسيق ولم يغادروها حد اليوم… لم يصطدموا ولو لحظة مع الناس، ولم يُظهروا ما يشي أنهم حكام…
برة يا زمان تطورت الأحداث على مدار ثمانية أعوام مما تعدون… بحلوها ومرها من ثورة نزع القداسة عن مؤسسة الرئاسة… وغادر البرلمان مربع البنفسج والمناشدة إلى مربع الألوان و”القرار”… أنباء غامضة عن موت الرئيس… وتحرك المؤسسة الشرعية الوحيدة لاتخاذ ما يتوجب فعله في حال غيبة الرئيس… لبى الرئيس المريض داعي ربه وفي دقائق مارس البرلمان صلاحياته بتمدن أسطوري مفقود في صحاري التوحش السلطوي النفطي الوهابي الأعرابي… وتولت مؤسسة الجيش تنظيم مراسم تشييع جثمان قائدها الأعلى المدني.
وفي خضم الأحزان والاستعداد لانتخابات رئاسة سابقة لأوانها يطل #هبنقةالتونسي زاعما احتكار البطولة، كلما تكلم حرفا نطق استبدادا زعافا… وكانت آخر ثرثرته منذ يومين: فكرت في بعث دبابتين لقطع الطريق في وجه البرلمانيين دفاعا عن الشرعية… معنتها بالدبابات نحمي الشرعية والديموقراطية من انقلاب المؤسسة المنتخبة الشرعية الوحيدة في حال عجز الرئيس العاجز أصلا منذ 2014!!!
وتمر اعترافته دونما زلزال في البلد!!!
على أية حال،
مغامرو السبعطاش مهندسو الشعب يريد ، يڨولولك: #أطلقالريحترتاح يا هبنقة الزمان… فقد تغير الزمان وجرت في نهر تونس مياه مواطنية كثيرة، ولتعلم أن المؤسسة المسلحة الثانية التي كانت أداة الرعب على مدار عقود دولة وكلاء المسؤول الكبير بدورها طالتها #رياحالسبعطاش_اللواقح وأصبحنا نلاقي أعوانا وضباطا بسلوك آخر وإن مازالت المعركة طويلة…
————- تونس دولة مدنيةُ تدبير القرار، يا مرشح/ مهماز فئران كهوف الاستبداد🤔
#هبنقة_الزبيدي زبدة périmé.
✍️الأمين البوعزيزي.
https://www.youtube.com/watch?v=eD4ZedLd-x0