لماذا كَثُرَ الكلام حول الفساد ؟
محمد كشكار
مواطن العالَم، وغاندي الهوى
لماذا ومنذ متى كَثُرَ الكلام حول الفساد السياسي في العالَم أجمع؟ “لوموند ديبلوماتيك”،
ترجمة مواطن العالَم، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ “الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي” (La spiritualité à l’échelle individuelle)
“عدد المقالات في الصحف الفرنسية (Le Monde et Libération)، التي تتناول الفساد بصفة أو بأخرى، تضاعفَ أربع مرات بين عشريتين (2630 مقال في عشرية 1981 -1990 و10520 في عشرية 1990-2000).
ما السبب؟
1. السبب الأول، نُشِرَ في دراسة عام 2004، ويقول ما يلي: قبل سنة 1990، تاريخ انهيار المعسكر الشيوعي، كانت معارك الأحزاب الانتخابية تدور حول رهانات إيديولوجية (يسار/يمين) رغم تغلغل الفساد آنذاك. بعد سنة 1990، غيرت نفس الأحزاب من تكتيكها: برامج اليسار واليمين أصبحت متشابهة وتغيرت الأوليات المُلِحّة وأصبحت الكفاءة في ممارسة السلطة أولوية محدِّدة (…) التنافس السياسي إذن قاد هذه الأحزاب إلى إهمال نقاش المسائل الهامّة وفضّلت عليها تبادل الاتّهامات بالفساد بهدف النيل الرخيص من مصداقية الخصم. هذا التغيير في الاهتمامات كان بمثابة مأدبة بالنسبة لكبرى وسائل الإعلام. وسائل كانت متهمة بِـتفضيل ما تفضّله النخبة فوجدت في قضايا الفساد فرصة لتلميع صورتها (redorer leur blason). وما دامت تكشف فضائح الأغنياء والأقوياء في السلطة (Leurs turpitudes)، فهي إذن توهِمُ القرّاءَ بأنها حرةً، نزيهةً، حياديةً وموضوعيةً!
إضافة مواطن العالَم: في تونس 2019، الكلام حول الفساد تضاعفَ مائة مرة على أقل تقدير في العشرية الأخيرة (2011-2019)، وذلك حسب رأيي ناتجٌ عن انقراض الرقابة على الإعلام وناتجٌ أيضًا عن دسترة حرية التعبير والنشر، ولا يعني البتة أن عهد بن علي كان أقل فسادًا، كان نظامًا مافيوزيًّا بامتيازٍ.
2. السبب الثاني، ينطلق من حركة إيديولوجية أعمق، غاب فيها النموذج السياسي الشيوعي ولم يعد أمام البلدان غير الديمقراطية (أوروبا الشرقية والعالَم الثالث) إلا خيارٌ واحدٌ يتمثل في النموذج السياسي الغربي الرأسمالي الليبرالي، نموذجٌ مُرفَقٌ وجوبًا بالحوكمة الرشيدة الخالية نظريًّا من الفساد (La bonne gouvernance).
Référence : Le Monde diplomatique, septembre 2019, extraits de l`article «À qui profite la lutte anticorruption ? Sermonner le monde ou le changer», par Benoit Bréville et Renaud Lambert, p. 13
إمضائي: “وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر” (جبران)
À un mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence. Le Monde diplomatique
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 4 سبتمبر 2019.