تدوينات تونسية

صديقي البهلول

منجي الفرحاني

– ما حكايتك مع بهلول قذر الهندام يجر علبا خاوية ويتكلم غالبا بالعربية الفصحى ويتبول على أكياس الزبالة؟
– سأجيبك أيّها النّادل الغبيّ ولكن إذا لم تخطئ هويّة قهوتي هذه المرّة وأن تأتيني بها قبل أن تغيب لتشرب قهوتك في المقهى المجاور لأكياس الزّبالة تحت مقرّ الجريدة..
على شاشة هاتفي الأغبى من النّادل مرّت طائرة تونس الجويّة القاصدة روما الإيطاليّة بعد ساعتين من التّأخير تحمل جبّة الشيخ مورو وشاشيته وبلغته وسبحته وبرنامجه المحيّن لانتخابات الرّئاسة.. قيل إنّهم أرسلو الشّيخ على سبيل الخطإ إلى الجزائر.. سبحان من لا يسهو!
هل فعلها شاهد زور الشّاهد، الفلاّح المليونير الفقير المأبون على أمره؟ قيل إنّه شوهد يدخل جرّارا في دبر أحد المسؤولين في تونس الجويّة فيعطّل هذا الأخير الطّائرة ويعبث بحقائب الشّيخ المترشّح ضدّ ربّه وربّ بوبكر بن عكاشة الجوعان الذي شبع مالا متعفّنا لعقه من أدبار أربابه من الفاسدين.. نريدها معركة نزيهة أيّها الأوغاد!
لم يغب النّادل طويلا وعاد بقهوتي العربيّة دون أن يخطأ هويّتها كما كان يفعل دائما ففرحت وشكرته على تركيزه فقال:
– فضولي جعلني أركّز، أريد إجابة شافية..
قلت:
– هل سيحارب الرّئيس القادم الجريمة المنظّمة والبراكجات وإرهاب الطرقات؟
قال:
– لا أريد الكلام في السّياسة أرجوك، أجبني عن سؤالي..
ثمّ أطرق قليلا وعقّب:
– طبعا، سيفعل وسيحرّر لنا القدس ويبني لنا ياباننا الخاص وسيشخلعنا.. أجبني أرجوك ودعنا من السّياسة..
قلتُ:
– سألتني عن حكايتي مع بهلول قذر الهندام يجر علبا خاوية ويتكلم غالبا بالعربية الفصحى ويتبوّل على أكياس الزبالة؟

  • هي فعلا حكاية، بطلها مرفوع عليه القلم حتّى يعقل، قذر الهندام ظاهرا، نقيّ الرّوح باطنا، فالإنسانيّة يا صديقي لا تُرى رأي العين، نكتشفها عندما نعايش أهلها، أمّا القشور فهي مجرّد أقنعة زائفة فلا يغرّنّك!
    أمّا فصاحته في لغة الضّاد فشرف له في زمان المنبتّين هذا الذي ينصب محتلّ الأمس فاعله ويغيّب ضميره ويكرّم كلّ مفعول به خائن رجيم..
    ثمّ أنا مثله أتبوّل على أكياس الزّبالة من المحيط إلى الخليج وفي كلّ زمان ومكان..

نظر إليّ متعجّبا «مدوّحا» رأسه وعاضّا على شفته السّفلى ثمّ علّق:
– واللّه خسارة فيك عصرت مخّي وعرفت شربك!
ثمّ غادرني وهو يسبّ يومه ووالديه وربّه الذين وضعوا فنّانا مجنونا مثلي في طريقه..
أمّا أنا فقد شربت قهوتي لأوّل مرّة دون أن أنتظر قدوم صاحبة العيون العربيّة العسليّة.. فاتها القطار وهي تحلم بسيّارة مثل سيّارة شاهد زور الشّاهد الكذّاب الأشر وقصورا مثل قصوره أقدّمها لها مهرا قبل أن يرتدّ إليها بصرها، فهل ترتدّ لها بصيرتها يا إلهي؟!!
كم أحسد صديقي المجنون على نعمة غياب العقل زمن العقول الخاوية على عروشها!

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock