والآن وبعد 1441 من رحلة التأسيس.. إني أحبك أكثر..
نصر الدين السويلمي
هجرة عظيمة.. هجرة فريدة.. هجرة موغلة في ذاكرة التاريخ الى يوم الدين، هجرة رائعة تلك التي أرسل فيها النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير للتمهيد وانحاز لأبي بكر في الصحبة واختار علي بن ابي طالب ليخلفه في أهله، ثم وهب القدر الحكمة للفارق ليجعلها مدار التاريخ، أي بدائع تخالط هذه الهجرة التي نفذها خير رسل الله محمد صلى الله عليه وسلم، ومهد لها فتى فتيان قريش مصعب بن عمير، وكانت الرفقة فيها لصديق الأمة وفاز الفاروق بشرف التأْريخ..
من أين نبدأ يا ترى؟ أمن مكة حيث القلوب وجلة مشفقة على الحبيب أم من المدينة حيث القلوب تترقب الحبيب.. من أين نسرد والاشواق تحاصرنا قبل الدموع وبعد الدموع، من اين يا تاريخنا اللذيذ، أمن سراقة وسواري كسرى أم من الغار حيث يدور الحوار الاعظم.. الحوار الأجل.. والله أعلى وأجل “إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا”، من أين نبدأ يا اشواق والرجال سبقونا الى قباء والنّاقة القصواء مأمورة تستعد لاصدار القرار، ونحن نغط هنا في الفية ثالثة بالكاد تستحضر الرحلة، من اين نبدأ ونحن على الارض نستنشق الذكرى البعيدة وكل المدينة فوق النخيل وسعد بن معاذ من تحت الجذوع، يؤزه القلق، يسأل الغلمان والصبيان، “هل من خبر.. هل من اثر”.. وسعد الآخر “بن عبادة” يشرف على اللمسات الاخيرة للعرس.. يجهز الركح يعطره للركب العظيم.. والخزرج تذبح والأوس تطبخ.. بينما كعب بن الأشرف يحاذي حيي بن أخطب، يهمس في أذنه “لقد فعلها الرب”.
نعود من هناك الى هنا.. نستجمع الذكرى الحلوة، ومن عمق غفلتنا نكتشف أننا نحن الآن في هذه اللحظة امة محمد صلى الله عليه وسلم، شيء يبعث على الفرح الى حد الطرب ان ننتبه اننا منذ ولدنا امة محمد صلى الله عليه وسلم.. شعور جميل أن تدرك انك انت وخباب بن الارت من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، شيء منعش ان تنتبهِ أنك انتِ وخولة بنت ثعلبة من امة محمد صلى الله عليه وسلم.. نحن الآن نحتفل بسنة أخرى عدّت بعد مرور 1440 عن هجرة الحبيب.. هـــا نحن ابعد ما يكون عن المشاركة في الخلية التي خططت للرحلة، وهـــا اسماء سبقتنا بالماء والطعام الى الغار وها نحن اعجز من الرد على الدعي حين صفعها.. لا نحن سعينا كما سعى عبد الله بن ابي بكر، ولا شياه لنا نغدو بها كما غدت شياه بن فهيرة لتمحو اثار اقدام ابن الصديق، لا ولا نحن انشدنا على مشارف المدينة اقبل البدر علينا.. ليس لنا غير حب الهجرة وحب اشرف المهاجرين على وجه الأرض… اني احبك يـــــــا رسول الله صلى الله عليه وسلم، اني احبك اكثر… ستبقى، بعيني ولحمي، ملاك ** وتبقى، كما شاء لي حبنا أن أراك… نسيمك عنبر** وأرضك سكر ** وإني أحبك.. أكثر..
وقلبك أخضر.. وجزر الهوى، فيك، مدّ ** فكيف، إذن، لا أحبك أكثر.
تلك نفحات درويش والأبلغ من نفحات درويش :
يامن بحثت عن العطورِ جميلها … ليكون عطرُك في الأنام نسيما..
هل لي بأن أُهديك عطراً فاخراً … وهو الدواءُ إذا غـٓدوتٓ سقيما..
هو قولُ ربّ الخلقِ في قرآنه … صلّوا عليه وسلّموا تسليما ﷺ