إسماعيل بوسروال
ظهر في الاعلام اشخاص صالوا وجالوا في كل الميادين وركضوا خيولهم بلا ضوابط… كانوا مراكز قوى معبرة عن لوبيات ومافيات ممسكة بـ (خناق) الشعب التونسي وتكتم انفاسه وتتحكم في كيفية مسيره… واليكم واحدة من جرائم الاعلام التونسي التي مرت بلا عقاب.
قدم اعلامي اسمه (الياس الغربي) ملفا تحقيقيا عن الظاهرة الارهابية في تونس… في هذا الملف الاستقصائي (المدلّس والمغشوش) كان صوت المذيع متهدجا متالما لما حدث في بلادنا التونسية العزيزة من انشاء الروضات القرآنية والمدارس الوهابية والمساجد الخارجة عن السيطرة… كانت في حالة بكائية يتحدث عن النهضة رخصت لآلاف المحاضن والرياض والمدارس (يكذب) وذلك لتمجيد قادة التاريخ الاسلامي من الدواعش (هكذا قالها) ورافقت بكائية صور حية لفيديو يعرض مدرّبا للاطفال يعلمهم الرماية باستخدام الرصاص الحي واصابة الاهداف بدقة… والياس الغربي يتحدث عن النهضة في تونس في حين ان مشاهد الفيديو (المدسوس) مأخوذة من افغانستان… فالتونسيون يعلمون الحقائق فلا توجد رخص سلمتها النهضة مطلقا بل ان المسائل تحت اشراف الدولة التونسية ولا اثر مطلقا لاي مظهر خارج السياق العام الوطني.
هذا الاعلامي المدلس الياس الغربي ارتقى من مقدم برامج في تلفزيون خاص الى مسؤول ومنتج برامج في التلفزيون العمومي الوطنية بما يعزز انها (الغرفة السوداء للاستعمار الداخلي)… وهو الان يصول ويجول في “ميدي شو” يحاور الشخصيات الوطنية في قضايا الامة وشؤون المجتمع متناسيا انه مزوّر وغشاش في خدمة لوبيات الفساد والاستبداد التونسية.
استعمار داخلي مكشوف في أشكال إعلامية متعددة منها :
• شاهدت على قناة تونسنا “الكرونيكورة” وفاء الشاذلي وهي تحتفي بسفير المملكة العربية السعودية بمناسبة الذكرى 63 لاستقلال تونس.
بالغت تلك المرأة في شكر ذلك الرجل الى درجة احرجته وناله الاندهاش مما فاجأته به من المديح المريح والاطراء السخي… حتى ان المشاهد يصاب بالقرحة المعدية من هوان “تونسية” امام اجنبي مهما كان.
ثم مرت الى السرعة القصوى في التزلف والتكلف والانحناء حينما صاغت عبارات الاكبار والتمجيد… لمن ؟ ولماذا ؟… لدور المملكة العربية السعودية في استقلال تونس… وهي ادعاءات كاذبة لا اساس لها من الصحة حيث لم يكن للسعودية ولا لغيرها من الدول الشقيقة اي دور مهم في (معركة تونس من الاستقلال عن فرنسا) بغض النظر عن مفهومي الاستقلال والاستعمار.
لم تتلق تونس من السعودية لا سلاحا ولا مقاتلين فلا تونس طلبت ولا السعودية كان لها استعداد… ويتضح من خلال (المسرحية الركيكة) ان لوبيات الفساد والاستبداد في تونس ما بعد ثورة الحرية والكرامة تتآمر على الانتقال الديمقراطي وعلى الانتخابات مع كل القوى التي لا ترتاح للديمقراطية والتداول السلمي على السلطة… هذه القوى الاستعمارية الداخلية تعلم ان المملكة العربية السعودية نظام ملكي وراثي (وهذه شان لم تتدخل فيه الثورة التونسية والحكومات المتعاقبة منذ 2011 الى 2019) ولكن رغبة (الصبايحية) التوانسة في مواصلة الاستيلاء على زمام الامور في تونس والسيطرة على شعبها التائق الى الحرية تدفعهم الى الاستعانة بالقوى الخارجية والاستعانة بكل ما يمكن له ان يعرقل المسار الانتقال الديمقراطي.
لا يخفى على المتابعين العاديين امثالي ان المملكة العربية السعودية استدعت وزير الداخلية آنذاك لطفي براهم واستقبله الملك السعودي لمدة ساعتين… وهو سلوك ديبلوماسي ملكي معلن مارسته السعودية في الجزائر عام 1992 عندما استقبل ملك السعودية اللواء خالد نزار وزير الدفاع وحثه على (وقف الانتخابات) مقابل دعم مالي مباشر -مذكرات خالد نزار نفسه نشرها 2004- كما استقبل الملك السعودي اللواء المتقاعد خليفة حفتر قبل هجومه على طرابلس كما يعلم العام والخاص الدعم اللامحدود للانقلاب العسكري في مصر 2013… واصلت الكرونيكورة وفاء الشاذلي دون ان تتم متابعتها لا تاديبيا ولا قضائيا في هذه الحالة وفي حالات كثيرة مشابهة قامت بها هي او زملاؤها في المحطة التلفزية.
ما يهمنا في هذا الاطار ليست السياسة الخارجية السعودية ولكن ما يؤذينا هو سلوك اطراف تونسية هي اذيال للاستعمار… سواء كان هذا الاستعمار فرنسيا او امريكيا او تركيا او خليجيا.
ان لوبيات الفساد والاستبداد في تونس تعمل جاهدة للحفاظ على امتيازاتها مقابل اغراق مختلف طبقات الشعب التونسي في الفقر والمرض والبطالة… لكن المقاومة واجبة لدحر كابوس الاستغلال والاحتلال الداخلي.
#يسقط حكم الاستعمار الداخلي#