مقالات

الإسلاميون، لماذا لا يقرأون المقالات الفيسبوكية اليسارية؟ بعض الجواب!

محمد كشكار

مواطن العالَم، يساري غير ماركسي وغاندي الهوى
الإسلاميون عندي هم كل النهضاويين، كل السلفيين، كل التحريريين، جل القوميين، كل التجمعيين المحافظين، كل المصلين غير المتحزبين.
• لا يقرأونها لأنهم لا يجدون فيها أنفسهم، مفرداتهم، مفاهيمهم، لغتهم، منطقهم، تراثهم، دينهم، فقههم، رموزهم، عاداتهم، تقاليدهم (العادات المتوارَثة التي يقلِّدُ فيها الخلفُ السلفَ).
• في المقابل قد يجدون فيها ازدراء لكل رأسمالهم الرمزي المذكور أعلاه.
• لا يجدون فيها استشهادًا يتيمًا واحدًا بآيةٍ أو قصصٍ من القرآن أو حديثٍ لمحمدٍ مرفوقٍ بدعاءِ صلى الله عليه وسلم أو حكمة خليفة راشدٍ أو فكرة لمفكر إسلامي مستنير وما أكثرهم في العالَم الإسلامي وغير الإسلامي.
• لقائلٍ أن يحتجَّ عليَّ ويقول: لماذا لا توجه نفس النقد لمقالات الإسلاميين الفيسبوكية حيث لا يجد اليساريون أنفسهم أيضًا ومنطقهم ورموزهم؟
• أجيبه ولكن أتمنى أن لا يغضب مني، لأن جل رفاقي اليساريين، مني ومن منطقي غاضبين لأنني لا أسب الإسلاميين ولا أزدري مفكريهم ولي فيهم قرّاء مهتمّين ومتابعين كثيرين وسامعين منصتين، حتى ولو كانوا مني مرتابين. أتفهم شكهم وريبتهم. وإذا لم يشك الإسلامي التونسي في خصمه الإيديولوجي والسياسي، اليساري التونسي، ففي أي مخلوق آخر سيشك يا ترى؟
• الجواب: الإسلاميون واليساريون، كلنا تونسيين، ووطنيًّا كلنا ملاّكة، لكن إيديولوجيًّا، وهنا، ولكي لا أثلب أحدًا من رفاقي اليساريين، سأتكلم عن نفسي وبلغتي الصريحة حد الجلد والتجريح: فكريًّا هم ملاّكة ونحن كرّاية، هم الأغلبية الساحقة ونحن الأقلية المنبوذة، لكن الديمقراطية تُقاسُ باحترام الأقلية الفكرية وليس بنبذها وإقصائها، وتُقاسُ أيضًا بتطبيق قانون الأغلبية على الأقلية، وعلى الأقلية أيضًا التأقلم مع جمهورية الأغلبية وليس العكس.

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]Mais.. mais n’oublions pas que c’est un mauvais signe d’être adapté à une société malade. Mais.. mais le malade, on doit l’aimer, chérir, soigner et guérir et non détester agresser et exclure, surtout s’il est membre de notre grande famille, le peuple tunisien[/box]

• عن نفسي، أقِرُّ: فكري أجنبي أقلي، كان ماركسيًّا معاديًا للإسلام وأصبح اليوم والحمد لله يساريًّا غير ماركسيٍّ متصالحًا مع الإسلام، ولكنه وحتى بعد التصالح لا يزال أقليًّا ولن يرضى عني الإسلاميون والماركسيون إلا إذا انتميتُ إلى أحزابهم ولن أنتمي ما حييتُ، والغريب أن هذا التصالح الإرادي وقع دون أي نوعٍ من الضغط من قِبلِ الأغلبية الإسلامية والأغرب أنه حدثَ بفضل قراءات فرنسية لمفكرين أجانب مسلمين وغير مسلمين لكنهم كلهم علمانيون غير إسلاميين:

[box type=”shadow” align=”alignleft” class=”” width=””]Jaqueline Chebbi, Guy Haarscher, Jean Baubérot, Edgar Morin, Ignatio Ramonet, Mohamed Arkoun, Hachem Salah, Mohamed Cherif Ferjani, Hichem Jait, Mohamed Talbi, Mohamed Haddad, Abdelmajid Charfi, Fawzia Charfi, Abdallah Aroui, Olivier Roy, Gille kepel, Amin Maalouf, Michel Onfray, Gilbert Naccache, Ali Chriiti, Albert Jacquard, Raymond Aron, Michel Serres, Alain Prochiantz, Tawfik Baccar, Christian de Duve, Et.. ET mon journal mensuel préféré Le Monde diplomatique, etc[/box]

لغتي الأولى أجنبية، الفرنسية ولها فضلٌ كبيرٌ عليَّ، ولغتي الأم محلية، العربية، أعشقها أكتب بها ولكن للأسف جل إنتاجها متواضع كتواضع الفرنسية مقارنة بالأنـﭬليزية. جل أساتذتي فرنسيين في الإعدادي والثانوي والجامعة، الله يرحم والديهم. أعلى شهادة علمية، نلتها من جامعة فرنسية (UCBL1). الخلاصة، انبِتاتٌ محمودٌ في جانبٍ (ثقافة مزدوجة متينة ومحيّنة) ومذمومٌ في جانبٍ (أصالة مهتزّة رغم محاولات الرتق).
خاتمة: أختم بحكمة الفيلسوف اليساري المغربي عبد الله العروي، الذي سبقني في أسلوبه غير المنبتِّ المتماهي مع مجتمعه المغربي المسلم:
• تتضخم الحرية في الفكر بقدر ما تضمر في الواقع… الحرية في مفهومها تناقض وجدل: توجد حيثما غابت وتغيب حيثما وُجدت… لكي نحافظ على أسباب التقدم لا بد من الإبقاء على حقوق المخالفين في الرأي، لأن الاختلاف هو أصل الجدال والجدال هو أصل التقدم الفكري والابتكار.
• لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه (…) لأن في التماهي شرط التحقيق، أي شرط المرور من التصور إلى الواقع، من الفكر المجرد إلى الحياة (مواطن العالَم: للوصول إلى التماهي يجب استعمال خطاب غير جبهوي وغير صادم لأن هذا النوع الأخير من الخطاب ينفّر ولا يبشّر، علينا استحضار التصورات غير العلمية وعدم إهمالها ثم استعمالها وتوظيفها بهدف تفنيدها علميا وتعويضها بتصورات علمية).
• نعتقد أن أيسر مدخل إلى روح أي مجتمع هو مجموع شعارات ذلك المجتمع.
• إذا أردنا أن نعرف معنى الحرية في مجتمع ما، علينا أن نحلل فقه ذلك المجتمع إذا اعتبرنا أن الفقه يعطينا صورة شاملة على العلاقات الاجتماعية في المجتمع العربي التقليدي.
• لكي نحافظ على أسباب التقدم لا بد من الإبقاء على حقوق المخالفين في الرأي، لأن الاختلاف هو أصل الجدال والجدال هو أصل التقدم الفكري والابتكار.
إمضائي: “وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر” (جبران)
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 18 أوت 2019.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock