مقالات

ألهاكم التكاثر …

توفيق رمضان

أهم ما يمكن استنتاجه بعد قراءة في الترشحات للانتخابات الرئاسية زيادة على كثرتها هو تشتت العائلات السياسية.
المرشحون عن اليمين وعن اليسار، يمين بشقيه المحافظ والليبرالي ويسار بتوجهيه التقليدي والاجتماعي. كان من المفترض أن تدخل كل عائلة السباق الانتخابي بمرشح واحد يلتف حوله الجميع ويكون افرادها على قلب رجل واحد في خوضهم لغمار السباق نحو قرطاج.
كنا ننتظر أن تتفق العائة الدستورية وترشح اسما واحدا يضمن لها مصالحها وتضمن له حظوظ اكبر للفوز بتوفير التمويل، التوجيه الاعلامي، توظيف مؤسسات الدولة اي تجتمع الماكينة حوله لبلوغ الدور الثاني في مرحلة اولى… إلا ان ذلك لم يحدث ربما لاختلاف مصادر الشرعية وصناع القرار في الخارج وممثليهم في الداخل خاصة بعد تشقق النداء وعدم وجود شخصية وازنة وجامعة مثل الباجي في 2014 وهذا ما جعل اللوبي الخارجي لا يلتقي حول اسم واحد فكل له غلمانه وجواريه وكل له حصان يراهن عليه.
لم نكن ننتظر ان يكون للنهضة مرشح لكن موت الباجي وتقديم الدور الاول للانتخابات الرئاسية عن التشريعية وعدم اتفاق الدساترة حول مرشح واحد كان يمكن ان ينال دعمها هو ما دفعها لترشيح عبد الفتاح مورو لحماية تشتت العائلة الدستورية بحرمان الشق الثوري من اصوات قواعد النهضة من جهة ولتحسين شروط تفاوضها مع المنظومة بعد التشريعية وقبل الدور الثاني ودفعها دفعا للاتفاق حول مرشح توافقي تمهيدا لتوافق برلماني في مرحلة ثانية.
الحراك، التيار، حركة وفاء، حركة الشعب، التكتل، الاتحاد الشعبي الجمهوري (أحزاب)، ائتلاف الكرامة (مستقل) ورغم اختلاف مواقفهم من بعض القضايا الداخلية والاقليمية فإن النهج الثوري يجمعهم وهو ما جعلنا نطمع في أن يكون هناك مرشح فقط من بينهم لنسير وراءه ونعمل من أجل ايصاله لقرطاج رغم اننا تمنينا أن يكون الجميع تحت مظلة واحدة في التشريعية ليقوى عودهم ويشتد وتكبر الحظوظ في الفوز باكبر عدد من المقاعد في البرلمان لكن لم يحصل ذلك للاسف.
من حق كل حزب أن يكون له مرشح للرئاسة يساعده في التسويق لحملته التشريعية ربما لكن السؤال المطروح أي حظوظ لهم في الفوز ؟ من المستفيد من تشتيت اصوات انصار الثورة ؟اكيد تشتتهم سيضعف فرص اي منهم في الفوز وربما حتى الوصول للدور الثاني وهو ما سيحعلنا نختار فيه ربما بين سيء وأسوأ وبالتالي نحرم حتى من امكانية توحيد الصفوف ونلعب دور المتفرج وهذا ما لا نتمناه.
إلى مرشحي المسار الثوري: حسبناكم جميعا لكن هاهي قلوبكم شتى، هل أغرتكم الكراسي وأنستكم ما اجتمعتم عليه يوما ؟، هل وحدكم الاستبداد وفرقتكم الحرية؟ ألم يكن يسكنكم حلم دولة الحرية والديمقراطية، دولة لجميع أبنائها لا تفرق بينهم وخيرها يعمهم دون استثناء، دولة سيدة على ثرواتها وفي قراراتها، دولة لا يهرب منها أولادها في قوارب الموت ولا تموت نساؤها في كميونة ولا أطفالها في كردونة، دولة لا تقطر فيها أسقف المدارس ولا توظف فيها المساجد ولا يكون فيها موعد مع الطبيب في مستشفياتنا بعد سنتين، دولة تنتشر فيها المكتبات والمسارح ودور السينما، دولة تاتي فيها الحافلة في وقتها والقطار، دولة لا ينقطع فيها الماء يوم العيد ولا تجرفنا فيها المياه بعد نزول المطر، دولة لا تحرق فيها حقول القمح والغابات، دولة تطبق القانون بعد كشف الحقائق ولا تكون لجنة لطمسها… ألم تقولوا لنا يوما أن الديمقراطية هي الكفيلة بتحقيق كل هذه الاحلام والامنيات ؟ الم تقولوا لنا بأنكم تناضلون من أجل الوطن وأنكم زاهدون في المناصب والمغانم فقط تناصرون فكرة وحلما تريدونه ان يتحقق حتى بدونكم.
هاقد هرب المستبد وجاءت الديمقراطية فاختلفتم وذهبت ريحكم وتفرقتم شيعا فتمكن زبانية الماضي من العودة.
لا ننكر عليكم حقكم في التنظم في احزاب متعددة نتيجة اختلاف في المقاربات او في طرق التسيير لكن الوحدة في مرحلة ما أو محطة ما واجب يفرضه الواقع فمعركة اليوم هي أم المعارك فقد صوت الشعب بعد الثورة ضد المنظومة ولصالح من توسم فيهم القدرة على الفعل والحسم لكن خاب أمله، فنال انصار المنظومة الثقة في 2014 وفشلوا في ادارة المرحلة رغم توافقهم مع حكام بعد الثورة، وهو ما يجعل امكانية الفوز واردة اذا نجحنا في الظهور بمظهر البديل الفعلي والواقعي القادر على الحكم وهذا لا يكون إلا بوحدتنا.
الانتخابات الرئاسية والتشريعية على الابواب فهل يكون الشعب عظيما ويصوت لنفسه في هذه اللحظة الحاسمة ؟ الشعب عظيم لانه قام بثورة لكن الثوار لم يكونوا كذلك فألهاهم التكاثر والتفاخر بينهم -فكل يرى نفسه أيقونة الثورة وعنوانها وحارسها- عن حلمهم الذي كان يحركهم وذاقوا في سبيله الويلات، إن كان التحالف ممكنا بعد التشريعية فإن ما يخيفنا اليوم هو أن يغيب احد مرشحي الشق الثوري عن الدور الثاني في الرئاسية ونندم يوم لا ينفع الندم. اتمنى ان يلتف الفتية حول مشروعهم القديم وينسوا اناواتهم، عندها سيحتضنهم شعبهم كما احتضنهم سابقا زمن الخوف وينالون ثقته ويتحقق النصر الذي نراه قريبا.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock