سفيان العلوي
ليس سهلا على من تربى على افكار وحدوية ما بعد قطرية من قبيل الامة الاسلامية او الامة العربية او الامميات الشيوعية ان يقنع بوطنية قطرية ضيقة الافق باهتة المعنى خارج الاطر الحضارية الكبرى. وليس صعبا على من تماهى تماما مع تركة الاستعمار والاستبداد ان يحتكر الوطنية لنفسه وينفيها عن مواطنيه. ليس مطلوبا من الاول ان يثبت تونسيته ولا من الثاني ان يقنع بها حتى يقتنع هو نفسه بها. من المهم تجذير المشتركات الوطنية والوعي العميق بالتاريخ والجغرافيا والعمق الاستراتيجي للوطن والافق الوحدوي دون احتكار ولا انكار او اقصاء.
في اللحظة الراهنة يفرض انتخاب رئيس للجمهورية بصلاحيات محدودة ولكن بدور اكبر في الخارجية والدفاع، دفع الحوار والسجال نحو المشتركات الوطنية والتموقع الاستراتيجي في المحيط الاقليمي والدولي والرؤية الاستراتيجية للمستقبل. صورة الرئيس الجامع لكل التونسيين والممثل الامين لمصالحهم هي ما يجب التفكير فيه ولن تكون تماهيا مع صورة للدبلوماسية الماضية التي فرضتها سياقات جيوسياسية متحولة. نعم من حقنا ان نحلم بوطن عزيز وبموقع افضل بخست حقه التبعية والدبلوماسية الكسولة وغير الاستشرافية.
ما لقيصر فهو لقيصر وما هو لرئيس الجمهورية فهو له وما للبرلمان فهو للبرلمان وما لرئيس الحكومة فهو لرئيس الحكومة. والتفكير في مشاكل الوطن كلها دفعة واحدة ودون تمييز السياقات هو اعادة انتاج لنفس المشاكل ودون حل. وعزل ادوار الرئيس المنتظر الدبلوماسية والوطنية عن تصور اشمل للاستثمار والتنمية الداخلية خلل عميق. الوطن اكبر مما نتصور واكبر من المناكفات الحزبية الطفيلية.