عادل بن عبد الله
رحم الله شهداء مجزرة رابعة… واللعنة على الانقلابيين والاستئصاليين والتكفيريين جميعا
هل يحتاج من يمتلك مقدار ذرة من الانسانية الى تقرير المنظمات الحقوقية الدولية ليعرف أنّ ما وقع في رابعة وما تلاه يرتقي الى مرتبة الجرائم ضد الانسانية أو إلى مرتبة الإبادة الجماعية، وأنّ من يدافع عن مرتكبيها لا يملك من الانسانية إلا الاسم؟ هل كنا نحتاج الى مهزلة الانتخابات المصرية لنعلم أنّ ما وقع كان انقلابا عسكريا، وأن الحديث عن “ثورة” ثانية وعن “تمرد” وعن “تصحيح” لثورة 25 يناير وعن “ثلاثين” مليونا خرجوا للدعوة إلى الإطاحة بحكومة الرئيس محمد مرسي كان من أسوأ المسرحيات في التاريخ المصري الحديث؟ هل كنا نحتاج الى الحرب الصهيونية على غزة لنعلم ان علاقة السيسي بالناصرية وبالدولة المدنية وبالتقدمية لا تختلف في شيء عن علاقة أغلب أمراء البترودولار خاصة منهم آل سعود والكهنوت الوهابي بالاسلام وبحقوق الانسان وبنزعات التحرر في جميع ارجاء العالم؟ هل كنا نحتاج الى سماع مرضى “الإيديولوجيا” وحلفاء التجمع وورثة “لجان التفكير” في تونس لنعلم ان ملة الانقلابيين واحدة وان دماء الاسلاميين عندهم “طل” لا دية فيها، وان التقدمية والمدنية والحرية والثورة والديمقراطية وحق الاختلاف والاحتكام إلى إرادة الناخبين هي استعارات ماتت في أرواح الكثيرين -وإن بقيت جارية على ألسنتهم زورا وبهتانا- عندما رأوا مساراتها تخالف مسارات رغباتهم ومصالحهم المادية والرمزية؟ هل كنا نحتاج الى سنة كاملة لنعلم أن صهاينة العرب هم الطابور الخامس لصهاينة اليهود وان تعلقوا بأستار الكعبة او تمترسوا وراء تراث الزعيمين القوميين جمال عبد الناصر وصدام حسين او وراء رمزية الزعيم الأممي تشي غيفارا؟
لا شكّ أنّ أداء الرئيس الشهيد محمد مرسي لم يكن أفضل أداء ممكن في مستوى ما تسمح به السياقات المحلية والإقليمية عند توليه الحكم (خاصة اختياره رجل الاستخبارات القوي عبد الفتاح السيسي ورفضه الإنصات للمناضل أيمن نور الذي اشترط تنحية السيسي لقبول رئاسة الوزراء)، كما لم يكن بلا أخطاء استراتيجية قاتلة خاصة عند تحالفه مع السلفية (صنيعة المال السعودي والاستخبارات المصرية) وما أثاره ذلك من مخاوف مشروعة حينا ومبالغ فيها أحيانا أخرى عند أهم الفاعلين الجماعيين في مصر (من اقباط وقوى ليبرالية وقومية ويسارية وصوفية)، ولكنّ الرئيس مرسي كان رغم كل ذلك أفضل اختيار استراتيجي لمصر ولحركات التحرر في المنطقة (خاصة غزّة)، كما لم يكن أنصاره العُزّل يستحقون تلك المذبحة الجماعية رغم كل ما جاءت به الاستخبارات العسكرية المصرية -وروّج له أنصارها في تونس- من أباطيل لا تستقيم “شبهة” واحدة منها حتى عند المنصفين من أعداء الإخوان (من المسلمين وغيرهم).
رحم الله شهداء رابعة، اما من أظهروا الشماتة فيهم (بل تمنوا “تونسة” مجزرتهم) فلن يرحمهم التاريخ… ولو بعد حين
#الانقلابيونملةواحدة
#اليسارالثقافيبوليس_سياسي