عبد اللطيف علوي
لم يبق بعدها أبدا شيء كما كان
لا النّاس، ولا المكان ولا الأحزان، ولا الحياة ولا حتّى الموت…
لم نر قبلها حياة بكلّ ذلك الامتلاء واليقين والخشوع والجنون
ولن نرى بعدها موتا بكلّ تلك العظمة والمرارة…
بعد رابعة خسرت كلّ أصدقائي..
القاتل تناسل وانتشر وحلّ في وجوه كثيرة، وأسماء كثيرة… كانت قريبة، أو حميمة، تشاركك قهوتك، وأيّامك، ومصباحك وزيتك…
من صفّق، ومن هتف، ومن سكت، ومن برّر، ومن تلعثم في ذلك اليوم.. قاتل، قاتل، قاتل.. حرام صحبته، حرام عشرته، حرام أن تشرب من مائه أو تأكل من طعامه، أو تمدّ له يدا، قبل أن يغسل قلبه ويتطهّر تماما من لعنة رابعة…
إيّاكم أن تصدّقوا أنّ هناك فرقا بين ما هو عامّ وما هو خاصّ
هناك الكثير من الأيدي التي تصافحها كلّ يوم، لو تأمّلتها جيّدا، لرأيت دمك عليها، ساخنا
لو كانت رابعة جريمة العسكر فقط، لهانت…
رابعة جريمة نفّذها العسكر، لكنّ من خلقها وخطّط لها وبرّر، وحضّر مسرح الجريمة وغسل الدّماء وأتلف الأدلّة وآوى المجرم… هو شعب، ومجتمع كامل، منذ عقود..
كتّاب ومفكّرون وفنّانون وإعلاميّون وسياسيون ومثقّفون ومتديّنون وعاهرات وعاهرون..
هناك حالة ثقافيّة وسياسية وذهنيّة كاملة، لدى جزء كبير من أبناء جلدتنا، أوصلتنا إلى رابعة
هذه الحالة، مازالت قائمة، بكلّ شروطها، ومازالت تنذر دائما، بألف رابعة…
بعد رابعة تغيّر طعم كلّ شيء، ولون كلّ شيء، ومعنى كلّ شيء
رابعة هي الحدّ الفاصل، بين أن تكون إنسانا… أو أن تكون شيئا آخر، مازال بلا تصنيف
رابعة هي الميزان…
﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾
#عبداللطيفعلوي
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.