منذر بوهدي
قرابة التسع سنوات منذ اندلاع الثورة ودخول تونس مرحلة جديدة تتابعت خلالها الأزمات والهزات من ارهاب وتحركات اجتماعية حادة وتعطل متواصل لعجلة الاقتصاد غير انه بالمقابل استقرت لدينا بعض من أسس بناء ديمقراطية حقيقية تتمثل في الدستور ومؤسسات وضرورة الاحتكام للتنافس “السلمي المدني للتداول على السلطة”.
لا شك اننا بحاجة الى خمس سنوات مقبلة تكون فيها الصراعات السياسية والأزمات الاجتماعية قد انخفض منسوبها الى اقصى حد ممكن وبحاجة ايضا الى منظومة حكم مستقرة منسجمة وفعّالة وخاصة متمتعة بحزام شعبي واسع مساند لها ومنخرط في الخروج بالبلاد من نفق الشلل المزمن. اننا الْيَوْم امام منعرج مهم في تاريخ البلاد ولابد ان يسعى كل مهتم بالشأن العام الى الاضطلاع بدوره في توعية الناخب التونسي بما يحقق مرحلة حماية الدار من السقوط المدوي اذا تواصل الاستهتار واللامبالاة. لان الانخرام الْيَوْم صار يهدد حياة المواطنين بشكل مباشر أزمات الصحة والنقل والمياه وضياع المنتجات الفلاحية منها الحبوب والقوارص والتمور والزيتون وثروات البحر وغيرها وهناك رغبات خيالية عديدة والتي يمكن ان تخرج تونس من هذا النفق كأن نعيد الإسلاميين الى السجون ونتخلص منهم جميعا او نقبض على “المنظومة التجمعية البرڤيبية” ونضعها في السجون وننطلق في تحقيق أهداف الثورة او ان نستأصل او نطرد من انخرطوا في الثورة جميعا ونعيد تونس الى مجدها الدكتاتوري الزائف. كل هذه الأحلام لم تعد تغري احدا الا بعض المرضى الاستئصاليين ممن ينخرطون في صراعات المحاور الخارجية المدفوعة الأجر والتي أصبحت الْيَوْم مكشوفة لدى كل المتابعين.
وهناك ايضا خيارات وطنية ممكنة لتحقيق الحد الأدنى من الانسجام والتكامل والضمانات الكافية لمرحلة مستقرة داخليا وخارجيا ينبغي حسب رايي:
اولا ان يكون رئيس الجمهورية من شق الثورة او المنخرطين في مسارها لضمان انخراط الثوريين في مرحلة البناء والدخول في مرحلة كشف الوجه المضىء للثورة والدفاع عنه باعتبار التحولات الحاصلة في الجزائر وليبيا والسودان والدخول في محور التغيير.
ثانيا حكومة واسعة التمثيل الحزبي والجهوي والاعتباري مكونة من أهم مكونات المشهد السياسي وفق نتائج الانتخابات من إسلاميين ودستوريين ويساريين منخرطين في المسار السلمي الذي اختارته الأغلبية لضمان اوفر حظوظ النجاعة والفاعلية وانخراط شرائح واسعة من الشعب في النهوض بالبلاد والذود عن مصالحها.
ثالثا ان يكون البرلمان مكون من الأغلبية المسؤولة والتي اثبتت نجاعتها حظورا واداء وان يتجنب الناخب الأطراف المشبوهة والتي تبحث عن الحصانة خصوصا.
هذه الخيارات ربما تصطدم بصراعات المحاور في منطقتنا ولتجاوز هذه العقبات يكون الخيار الأنسب للشخصيات التي تحضى ايضا بقبول لدى جل هذه الأطراف هكذا يمكن نتجنب خمسا عجافا!