الثلاثاء 24 يونيو 2025
نور الدين الغيلوفي
نور الدين الغيلوفي

ماذا لو ؟ أم هي أضغاث أحلام ؟

نور الدين الغيلوفي

دعوا الإعلام المريض فما هو سوى واجهاتٍ للوبيات خفيّة وظاهرة من أهل الفساد والجريمة يقوم عليه مأفونون مأجورون يأكلون من بيع كلّ شيء ولا سقف لهم، دعوهم وتخيّلوا لو أنّ فرقاء السياسة عاد إليهم رشدهم لحظةً فأغلقوا حدودهم مع كلّ هوى أجنبيّ وتركوا خصوماتهم الصغرى وجعلوا بينهم هدنةً، ربحا للوقت وحفظا للجهود وصَوْنا للوطن من أن يُهلكه التنازع بينهم ويذهب به.. وبهم…

جميع الفرقاء، المنتسببن إلى الثورة، المستفيدين من سقوط نظام الاستبداد والفساد طبعا، جميع هؤلاء يتحدّثون عن الحريّة وفضائلها والعدالة الاجتماعية وفوائدها واستقلال القرار الوطني عن الدوائر الأجنبيّة وفكّ الارتباط مع الدول الاستعمارية وما يمثّلها ومن يمثّلها، جميعهم يتحدّثون عن كلّ ذلك حتّى لا تكاد تفرّق بين أحد منهم رغم صخب الدعاوى ورغم سُبابِ بينِهِم… ومادام ذلك كذلك لِمَ لا يعذر بعضُهم بعضًا في مواضع الاختلاف بينهم ويتنافسون مصلحةَ الوطن؟ ما المانع من ذلك؟ علام استمرار التنازع الأجوف بينهم؟
فيمَ يتنافسون؟ هل تركت لهم أزمنة الاستبداد وحلقات الفساد ما يغري بالتكالب؟ ألا يزعمون، جميعا، خدمةَ الوطن والزهدَ في المنافع الشخصيّة والترفّعَ عن المصالح الحزبية والفئوية؟
قد تقول لي إن نظرة هؤلاء إلى المصالح والمفاسد تختلف.. ولا يزال بعضهم يرى بعضَهم داءً عياءً وجب استئصالُه حتّى تدور عجلة التقدّم إلى الأمام.. ولكن أليس كلّ منهم إذ اختار ذلك فقد أضرّ بنفسه قبل ضرّ خصمه؟ أما علموا، بعدُ، أنّ ثقافة التنافي قاتلة للجميع؟ ألا يظلّون، بما يأتون، في دوارن دائم يمنعهم من أن يتقدّموا خطوة واحدة إلى الأمام؟
ألا يفسد، ماهم فيه من تهارش الكلاب، أمل الشعب في تحوّل ظلّت مختلِف الأجيال تتوقّعه وتُمنّي النفس به كما لو كان حتمًا مقضيّا؟
ماذا لو أنّ المستفيدين من الثورة جميعهم يسارهم ويمينهم، تركوا التنازع وتساندوا لأجل دحر الفاسدين والعملاء الظاهرين ولبناء أرضية مشتركة تكون منصّة لإقلاع البلاد وخروجها من نفق مظلم حشرها بداخله تهارش غرائزيّ لا يرقى إلى الصراع السياسيّ؟
السلطة في البلاد باتت موزّعة بفضل ما جاءت به لحظتنا الراهنة من نظام سياسيّ يمكن استثماره لتربية الاختلاف.. أوَ ليس ذلك مغريا بالتشارك لرفع قواعد الوطن؟ أليس أنّ الحكم عبءٌ يَحسُنُ تقاسُمُهُ لأجل مصلحة الوطن والإنسان فيه بدل هذا التدابر الذي أثخن فينا وزرع اليأس بيننا وأعدم ثقةَ بينِنا؟ ألا يعي أشباه الدِّيَكة هؤلاء أنّهم بما يصنعون من تدابر إنّما يغذّون الحنين إلى عهود الظلم والظلام التي جعلت منّا أمّة ملفوظة من التاريخ؟
إنّ لحظة وعي قصيرة قد تنقلنا ممّا نحن فيه من تخلّف مستحكم إلى لحظة انتظرها جميع الفرقاء حضنوها حلما عاشوا لأجله وضحّوا في سبيله بكلّ شيء…
ما دمنا لا نيأس فلمَ نؤجّل تحقيق الحلم بأيدينا؟

اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

نور الدين الغيلوفي

ليس لنا حلّ غير الالتقاء

نور الدين الغيلوفي نقطتان ألحّتا عليّ اليوم 1. لست حزينا ولا متشائما. لا أميل إلى …

نور الدين الغيلوفي

قال لي الفيلسوف عن الكتلة التاريخية

نور الدين الغيلوفي سألتُ الفيلسوف، – أما زلت تؤمن بالمشترك وتنادي بالكتلة التاريخية؟ فأجابني: – …

اترك تعليق