مورو وصية السبسي !
الأمين البوعزيزي
بعد تشويق شد أنفاس مكونات المشهد السياسي في تونس؛ يأتي ترشيح حركة النهضة لعبد الفتاح مورو كشفا صريحا لحقيقة الصراع المسكوت عنه في تونس؛ الصراع الذي يصر بعضهم كونه صراع بين الحداثة/السلطة في مواجهة المجتمع التقليدي ويحلو لدهاقنة التزييف الأيديولوجي تسميته بالصراع بين الدولة المدنية والمشروع الاخواني.
ترشيح الأستاذ عبد الفتاح مورو لم يكن ترشيحا سياسيا من حركة النهضة كما يصر ضرائرها على تفسيره وليس إنتصارا لمورو على الغنوشي وإن بدا كذلك. كما يصر الكتبة الطماعون الذين يشيطنونها (شيطنة لا تعدو أن يكون أسلوبا أكثر نجاعة مما يفعله مناشدونها “المستقلون” جدااا في مراودة النهضة على أنفسهم حتى يكونوا أقلامها وألسنتها؛ فالسبّ والشيطنة هما أنسب أساليب التفاوض في عرف المتكسبين!).
ترشيح مورو هو ترشيح أحد بلْدية الحاضرة الذين يخوضون صراع وجود (منذ إعلان النظام الجمهوري منذ عقود) مع لوبي التنفّذ المالي والسياسي الذي اعتبر انتفاضة ديسمبر وثمراتها السياسية يوم قيامته /عدوانا عليه وكسر احتكاره لموارد البلد المادية والرمزية!
ترشيح مورو عنوان تحالف بين بعض مكونات ذاكرة الهندسة المجتمعية الاقطاعية: “الآفاقيين” أو مجتمع “وراء البلايك” المستباح/المنتفض عبر التاريخ و”بلدية” الحاضرة/العاصمة “المتضررين” بدورهم منذ عقود “النظام الجمهوري” الذي تحول إلى اقطاع سياسي جديد غيّر جغرافية نفوذه؛ في مواجهة جموح وغطرسة لوبي التنفذ والسطو على السلطة والثروة منذ عقود.
• “بلْدية الحاضرة” ليست لديهم من مطالب غير الحفاظ على مربعات البرستيج التاريخي التي عبرت عن نفسها بشكل باذخ أثناء مراسم جنازة السبسي؛ التي كان عبد الفتاح مورو أحد عناوينها الطاغية. (لا تنسوا أن لقاء باريس التوافقي ذات صيف الدم 2013 بين “شيخ الآفاقيين” وشيخ البلْدية تمت هندسته أولا بين السبسي ومورو البلدييْن!!!
• “الآفاقيون” يبحثون عن الامساك ببعض مفاصل القرار في دولة مركزية حقّارة (عنصرية إقصائية منذ الزمن الحفصي ساعة كان فقهاء الحاضرة يصمون تونس الدواخل بالمحالات التي لا تنالها الأحكام الشرعية؛ عنوان استباحة دائمة وساعة كان كبار فقهاء /علماء تونس العميقة يتم اقصاؤهم من الإمامة أو التدريس بكبرى جوامع الحاضرة ابن عرفة وابن راشد القفصي نموذجا). تسمى الدولة الأمة التي أصبحت محل محاكمة فلسفية وسياسية في صفوف كل ضحاياها في العالم الذين أصبحوا يصرون على حق الكلام/المواطنة.
فيما يصر المشروع المواطني الاجتماعي السيادي على مواصلة خوض معركة 17 ديسمبر على قاعدة بناء دولة المواطنين الإجتماعية السيادية تطويرا وتصحيحا للدولة ما بعد الاستعمارية التي يحلو للنخب التابعة تسميتها بالدولة الوطنية التي لم تكن في حقيقتها وجوهرها سوى خضوع سياسي وثقافي واقتصادي للهندسة الكولونيالية معرفيا وكيانيا وتنمويا.
“يعبر” نسبيا عن هذا المشروع عديد التعبيرات الحزبية ورموزها السياسية المحتكمة إلى أسلوب الكفاح الديموقراطي (حفاظا على وحدة مجتمع مستباح استيقظت كل ذاكراته التاريخية).
لكنا مازلنا نرى في شخصية المنصف المرزوقي (كتركيبة كيميائية تجمع بين أشواق الشعب العميق المجروح في كبريائه والمشروع الحداثي المفتوح لبناء الدولة المدنية الخاضعة لارادة مواطنيها المتمسكين بحق الشراكة في الوطن (موارد رمزية ومادية) الشخصية الأكثر مقدرة على خوض تعبئة انتخابية عابرة للاستقطابات الايديولوجية المغلقة/المتصادمة؛ والاستقطابات المناطقية الكريهة (سواحل دواخل بلدية) نحو تونس أخرى يجدونها ممهورة في الدستور الذي لا تريده لوبيات التنفذ التاريخي (ومرتزقتها الوظيفيون) أن يسود!
فالكفاح الديموقراطي معركة طويلة الأمد لكسر الإقطاع السياسي المتحكم في النفوس والنصوص أولا.
موقع ألترا تونس
✍الأمين البوعزيزي