إلى أن ينطق البهيم في الليل البهيم
كمال الشارني
أنا لست متشائما لأني لست سياسيا وليس لي أي مشروع سياسي، أنا واقعي أفهم في التحليل الصحفي وفي الاقتصاد مثلا، بما هو أرقام: ثمة استحقاقات لا يمكن تزييفها أو تأجيلها خمس سنوات أخرى باستدراجنا إلى المساعدات وكأننا منكوبو حرب ولا تخديرنا بالمسلسلات التركية ولا أي شكل من أشكال الأكاذيب أو الصراعات المزيفة مثل الهوية والميراث والجندرية ومواجهات إسلام سياسي/ إرهاب ضد حداثة/ مدنية.
محركات النمو متوقفة، بلد يستهلك أكثر مما ينتج ويغطي الناقص بالديون، انهيار المرافق العمومية التي قام عليها استقرار المجتمع التونسي من الماء إلى المستشفى مرورا بالتعليم والنقل والنظافة، الشيء الوحيد الماشي في هذا البلد هي السمسرة والتقشير والوساطة والاحتكارات والقطاعات الهامشية وتبييض الأموال والتهريب والتهرب الضريبي تحت حماية السياسيين، أكثر من 150 ألف عاطل عن العمل جديد سنويا، إن وجدتم سياسيا واحدا يقدم لكم أجوبة على هذه الاستحقاقات، وأولها كيف سيدبر لكم ميزانية 2020، الحقيقة أنه حتى من يملك حلولا لا يقدر على تنفيذها، كلهم يترشحون تحت سقف ما تسمح به المنظومة ويراهنون على تأجيل الانفجار الحتمي بسبب الخيبة والإحباط، إلى أن ينطق البهيم في الليل البهيم.
ملا بهيم، قريب يقتلنا بالفجعة
مما حفظت من خرافات الطفولة أن رجلا يسافر ليلا في الخلاء على حمار لا يرافقه سوى كلبه، طالت به الرحلة والصمت واستوحش، والقفار له وحشة تخلق الخيالات المخيفة، فجأة نطق الحمار: “قريبش نوصلوا؟”، ارتمى الرجل من فوق الحمار رعبا واندفع يجري وكلبه يجري معه لا يلويان على شيء حتى انسد نفسه وبدا له أنه قد هرب ونجا، اتكأ على ركبتيه ليتنفس، عندها نطق الكلب: “ملا بهيم، قريب يقتلنا بالفجعة”، الآن: من هو الحمار ومن هو الكلب؟ ومن أنا؟ أما الفجعة هاي جاية في الانتخابات.