عبد القادر عبار
1. لأني خُلقت فنانا.. وجبلت على الحس الفني وهذا من فضل ربي.. ترعرع فيّ الذوق الفني حتى اشتد عوده.. ووجدت نفسي أحب أربعا واكره أربعا.. أحب الشعر والرسم والتوثيق الفني بالصورة خاصة.. وأحب الترتيب والنظام وعندي حساسية مفرطة لاحترام الوقت واكره الفوضى واللامبالاة والغلظة والانتهازية.
2. كل من صاحبني في مقاعد الدراسة وزمالة التدريس يعرف أني رسام وخطاط مسكون بالتصوير والخط العربي حتى أني كنت كلما وجدت صفحة بيضاء في كتاب الا وخربشت فيها رسما رمزيا أو ملأتها بلوحة خطية وكنت أفضل الخط الفارسي والديواني وذلك لانسيابيتهما وشاعريتهما.
3. ولكن البعض من بني جلدتنا وممن يتكلمون بألسنتنا.. وبعد ان ابتليت بالإمامة المنبرية ولبست جبة الخطيب أصبحوا يلوموني ويعتبون علي لأني اعشق التصوير.. لا الصورة.. (وهذا مربط الفرس). أولئك الذين يرون وجوب الطلاق البائن بين الدين والفن. وبين التدين والذوق الفني.. ويرون ان الدين لا حاجة له إلى الفن وان الفن نجاسة ثقافية لا يجب عليه أن يقترب من الدين فضيعوا بذلك فرصا للدعوة ملأها غير الإسلاميين بكثير من الإنتاج الذي هدم الأخلاق وشوه القيم وأفسد الأذواق.. وحارب الدين.
4. أولئك الذين يرون الدعوة.. سجعا بليدا متكلفا وخطبا رنانة مملة وتلاوة آيات وسرد أحاديث.. ويغفلون عن فقه مفاتيح النفس البشرية ومداخلها.. وان لكل نفس كلمتها السرية التي تفتح بها “mot de passe”.. الم يعلموا ان معرضا للخط العربي في نيويورك كان سببا في إسلام أكاديمي أمريكي كبير.
5. الم يعلموا أن الفن ليس شيئا منفعلا فقط وإنما هو فاعل أيضا، إذ بالقدر الذي يعكس فيه صورة المجتمع فهو يحاول أن يغير منه كذلك،
أولئك الذين يتوهمون أن علاقة الدين بالفن علاقة نفور وخصام، بينما هي في الاصل علاقة تكاملية فالدين ينهى عن الرذيلة ويحض على الفضيلة، والفن يبحث عن الجمال ويفتح أعيننا وبصائرنا على الذوقيات الجميلة، فاثر فني من ريشة رسام او قلم خطاط.. قد يكون ابلغ من وعظ رنان من صاحب عمامة مكورة وجبة مطرزة..