Site icon تدوينات

فخامة الرئيس القادم

عبد القادر الونيسي

عبد القادر الونيسي

عبد القادر الونيسي

دخل العالم منذ مدة في صناعة الرؤساء من خارج المنظومة التقليدية المتعارف عليها في الأنظمة الديمقراطية.
يتم هذا بإستنفار إمكانات مالية وإعلامية وإستخباراتية وسيبرانية رهيبة.
يتم بعد ذلك تدمير قوى الصد واحدة تلو الأخرى بإصطناع الإختراقات والإنشقاقات والفضائح حتى يتم تدجينها بالكامل.
حدث هذا في دول عظمى صنعت الديمقراطية منذ قرون والتزمتها منهاجا في تداول السلطة.
الأمثلة عديدة ولم تعد إستثنائية بل تجرأت الدولة الخفية العابرة للقارات على الولايات المتحدة وفرنسا وآستقدمت لهما رئيسين من المجهول لا أتحدث عن ما حدث في اوكرانيا ودول الهامش.
مازالت بعض جيوب المقاومة لا محالة من هنا وهناك لكن القصف لا يهدأ عليها حتى تستسلم أو يحدث الله أمرا كان مفعولا.
لا أتحدث هنا عن العالم العربي وأنظمته الإستبدادية فالتهديد والإنقلابات إذا آقتضى الأمر كفيلة بذللك.
الخيط الرابط هو السيطرة على تفاصيل العالم وتأهيل الجميع للقبول بالأمر الواقع في الشرق الأوسط.
تونس استحالت فيها وصفة الإنقلاب العنيف لغياب هذه الثقافة في المخيال العام منذ عهد الدولة الحفصية. تم المرور إلى السيناريو الديمقراطي في الإنقلابات وهو يطبخ على نار هادئة.
بدأت صناعة صورة الرئيس القادم مع إستنفار ماكينة سبر الآراء والإعلام والمال.
الرئيس القادم يشبه كثيرا ترومب وماكرون مع بعض الفوارق فهو كذلك صناعة عوالم المال والأعمال وأشياء أخرى.
المرحلة القادمة هي إختراق جدار الصد الممانع إستخباراتيا وتفتيته إلى أن يتم تدجينه وتهميشه.
بعد التنصيب يسلم المنتخب سلطة القرار لولي نعمته ويتلهى بالتويتر وما شابهه من الحضور الرمزي في الداخل والخارج.
ثم تقول له العابرة للقارات ما قاله الحطيئة للزبرقان :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها. وآقعد فأنت الطاعم الكاسي.
ما حدث وما يحدث في تونس ليس بعيدا عن ذلك.
يبقى أن الذي يسير الكون ويصرفه هو خالقه وليس الدولة الخفية العابرة للقارات ولا غيرها.
“لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ…”

Exit mobile version