تدوينات تونسية

محام، وفي يده بندقيّة 

عبد اللطيف علوي

من حيث المبدأ، لا أحد يزايد عليّ في مسألة الحقّ في حماية الحرمات مهما كانت، وأنا أعتبر أنّ ماقام به صاحبنا المحامي مشروع تماما، لأنّني لن أنتظر من يقتحم بيتي حتّى يقتلني أو يغتصب أهلي. هذا كلام بالنّسبة إليّ لا فصال فيه.
أنا أريد أن أنظر إلى المسألة من زاوية أخرى…
أريد أن أفترض فقط أنّه عوض هذا المحامي كان هناك مواطن بسيط نكرة مكشوف الظّهر، ليس لديه بندقيّة ولا نقابة محامين قدّ الدّنيا، تقلب الدّنيا من أجله وتجعلها قضيّة رأي عام…
أريد أن أنسى كلّ المعارك الخاطئة التي خاضتها كلّ القطاعات بدوافع قطاعيّة أنانيّة تكاد تكون عنصريّة، نتذكّر الأمنيّين والقضاة والأطبّاء والتّعليم ووو…
لماذا دائما في هذا البلد، يكفي أن تكون منتميا إلى نقابة ما، لكي تكون في نظرها على حقّ دائما ومبرّءا ومنزّها بالأصالة قبل أيّ تحقيق أو تثبّت، وتجب لك النّصرة دائما ظالما أو مظلوما؟
لماذا لا نرى مثل هذه الهبّة في الدّفاع عن القضايا المشابهة بقطع النّظر عن الانتماءات النّقابيّة الطّائفيّة؟
ثمّ لنتحدّث عن السّلاح…
صاحبنا المحامي، فكّ الله سجنه، لديه ثلاثة أسلحة: سلاح القانون، وسلاح ناريّ، وسلاح النّقابة، وربّما سلاح رابع أيضا هو سلاح المال… (أنا موش بَحْسِدْ، أنا بَأُُرّ بسْ!!)
طيّب، إذا كان من حقّ صاحبنا حيازة سلاح ناريّ للدّفاع عن النّفس، فلماذا لا يعمّم هذا الإجراء على كلّ تونسيّ مهما كان وضعه الطّبقيّ؟ لماذا يتمتّع الغنيّ وصاحب السّلطة بهذا الحقّ في حين يظلّ المواطن المدعوس مباحا عرضه ودمه وماله؟ هل شرف أخينا أغلى من شرف أيّ مواطن آخر؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فلماذا لا يكون لي أنا أيضا الحقّ في أن أدافع عن أهلي وبيتي بالرّصاص مثل علية القوم و “crème Chantilly” المجتمع؟
ثمّ لماذا تقوم الدّنيا وتصدر البيانات لمجرّد أنّه وقع إيقافه في إطار التّحرّي والتّحقيق؟ أليس هناك عمليّة قتل؟ والقتل ألا يستوجب إجراء الأبحاث اللاّزمة والاحتفاظ بالفاعل حتّى يبرّئه القضاء؟ أليس هذا ما يحدث مثلا في حالات القتل المروريّ غير المتعمّد؟ هل تريدون مثلا أن يحكم البوليس من تلقاء نفسه بأنّ القضيّة تدخل في إطار الدّفاع الشّرعيّ عن النّفس ويحفظ القضيّة وانتهى الموضوع؟
مخّ الهدرة: النّاس يجب أن يكونوا سواسية أمام القانون، وأمام الإعلام وأمام النّقابات وأمام الفايسبوك وأمام الجنّ الأزرق، ولذلك، لا أرتاح كثيرا كلّما رأيت النّاس يركضون جميعا في اتّجاه واحد، أسحب شيطاني الصّغير من جيبي، فيخبرني بأشياء لا أستطيع في الغالب كتمانها.
نهاركم عدالة ومساواة أمام القانون.
#عبداللطيفعلوي

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock