تدوينات تونسية

الغنّوشي وطارق ذياب على رأس قائمتين للنّهضة

صالح التيزاوي

باحت اللّمسات الأخيرة لقائمات النّهضة للإنتخابات التّشريعيّة عن مفاجأتين من الحجم الثّقيل. قد يفهم ترشيح طارق ذياب على أنّه يندرج في إطار الإنفتاح على الشّخصيات والكفاءات الوطنيّة، ولكن في أيّ سياق يمكن أن نفهم ترشيح رئيس الحزب؟ وماذا يمكن أن يضيف ترشيحه وحتّى فوزه لتجربته ورصيده النّضالي؟ وماذا يمكن أن يضيف ذلك أيضا للبرلمان القادم وللمشهد السّياسي عموما؟ ثمّ ألا يعتبر تدخّل القيادة المركزية في إدخال التّعديلات على القائمات النّهائيّة مسّا من جوهر العمليّة الدّيمقراطيّة التّي صعّدت شخصيات بعينها وأقصت أخرى؟
جاء في رسالة السّيّد على العريض نائب رئيس الحركة إلى أبناء الحزب وكوادره ومنخرطيه وإلى الرّأي العام أنّ التّعديلات كانت لسدّ “الخلل الحاصل في الإلمام بمواصفات النّائب ومهامّه جهويّا وطنيّا”، كما قال بأنّ التّعديل جاء للتّوفيق بين”الإستمراريّة وضمان الحد الأدنى من التّجديد”.
مهما كانت أسباب التّعديل ومبرّراته فإنّ ذلك يمسّ حتما بجوهر العمليّة الإنتخابيّة التي تمّت في إطار من الشّفافيّة والدّيمقراطيّة التي تحسب للحركة، وتمسّ بإرادة النّاخبين الذين وحدهم يملكون حقّ تصعيد من يريدون وإقصاء من يريدون. غنيّ عن البيان أنّنا لم ننتج الدّيمقراطيّة ولسنا متجذّرين في هذا المجال. فما تعتبره قيادة الحركة تعديلا ضروريّا من أجل “البحث عن الصّورة المثلى للحركة وهي تخوض الإنتخابات” قد يفهمه آخرون من قواعد الحركة ومن خارج الحركة على أنّه تحايل على إرادة النّاخبين وتحايل على انتخابات شفّافة صعّدت من صعّدت وأقصت من أقصت.
وإن كان لابدّ من تدخّل المكتب التّنفيذي لتعديل القائمات حسب احتياجات الحزب في المجلس النّيابي، كان بإمكانه أن يبحث عن بدائل أخرى لا تمسّ من إرادة النّاخبين مهما كان السبب ومهما كانت المسوّغات. وهل من المقبول أخلاقيّا أن ينقل مرشّحون بمثل خططهم من دوائر انتخابيّة أفرزتهم إلى دوائر أخرى أفرزت غيرهم؟! ألا يغذّي ذلك سرديّة القطيع التي يروّج لها البعض؟
وأمّا ترشيح رئيس الحركة على رأس إحدى قائماتها بتونس العاصمة فأعتقد أنّه فاجأ الجميع في الدّاخل والخارج، ترشيح لم يكن في الحسبان، قد لا يضيف شيئا ذا بال للرّصيد النّضالي للشّيخ، كما أنّ بقاءه خارج البرلمان لن ينقص شيئا من ثراء تجربته، بل قد يمسّ من قيمته الإعتباريّة في الداخل والخارج لأنّه سيقحمه حتما في أتّون مناكفات وصراعات يوميّة (وما قول النّائب المتصعلك ليمينة زغلامي: صكري فمّك عنّا ببعيد). ترشيح سيكبّل حركة الشّيخ في التّرويج للتّجربة التونسيّة وحشد المزيد من الدّعم الإقليمي والدّولى لها من أجل إنجاح انتقالها الإجتماعي والإقتصادي.. فضلا عن تعارضه مع مقتضيات التّشبيب.
وقد برّر السّيّد على العريض ترشيح الشّيخ في العاصمة بانّه “تأكيد على أهميّة البرلمان ودوره المحوريّ في نظامنا السّياسي” وأنّ التّرشيح يهدف إلى “الدّفع بالحركة إلى صدارة الإهتمام وخوض الصّراعات بحكمة واقتدار”
ولكنّ الشّيخ قام بكلٍ تلك المهام بحكمة واقتدار، وخاض تجربة التّحالفات والتّوافقات وتخطّى عقبات كثيرة وصارع أمواجا عاتية وعبر بالحركة وبالتّجربة التّونسيّة إلى برّ الأمان الدّيمقراطي مع كتلته ومع شركائه في الوطن وهو خارج البرلمان، فماذا سيضيف له دخول المجلس النّيابي، حتّى وإن أفضى الأمر إلى رئاسة المجلس النّيابي؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock