زهير إسماعيل
فيما عرفناه في الربيع، أنّ الدولة العميقة أو الثورة المضادة الداخلية منسجمة مع الثورة المضادة الخارجية إقليميا ودوليا. وهذا هو الوضع الطبيعي في سائر الثورات.
وغالبا ما يفض هذا الوضع إلى فرز على قاعدة الديمقراطية ليبرالية كانت أو اجتماعية.
في السودان الثورة المضادة أو السيستام (يمثله نظام البشير بجذوره الإسلام-سياسية) متناقضة مع الثورة المضادة الخارجية (مصر، الإمارات، السعودية).
هذا الوضع، مثّل استثناءً، وله تأثير مباشر على علاقة “قوى الثورة” بالديمقراطية. وكاد عنوان “المدنية” يعوّض عندها مطلب الديمقراطية والمواطنة. ويمنح المجلس العسكري شرعية بلا أساس إلا شرعيّة القوة. ويجعل من “الإصلاح السياسي” المنتظر أقرب إلى “الصفقة السياسية”. بين المجلس العسكري وقوى نجحت في قيادة الحراك الشعبي وعلى رأسها “إعلان الحرية والتغيير”. ويتأكّد هذا المنحى في جذاذة الإعلان المنتظر إصداره، وخاصة من خلال إطالة الفترة الانتقالية في موضوع المجلس الوزاري والمجلس التشريعي المعيّن (محاصصة: 67% للحرية والتغيير، و33% للعسكر).
وفي ثناياه خوف من الانتخابات المبكرة بسبب ضعف الوزن الانتخابي للقوى المتصدّرة للحراك الشعبي، إلى جانب حضور المعطى الإيديولوجي. وهذا ما سيعطّل اللقاء على قاعدة الديمقراطية، ويمكّن الفرز الإيديولوجي من العودة بقوة، ومعه عودة الأحزاب التقليدية: الشيوعي، الأمة، الاتحاد الديمقراطي… إلى الواجهة. وهي أحزاب تعيد إنتاج صراعات السودان بأزمنته السياسية الآي يتجاور فيها الإيديولوجي والديمقراطي والطرقي والإثني والديني والمناطقي…
الثورة المضادة (آل سعود، وآل زايد) تُضاد أي قوة بما فيه الإسلاميين في الربيع، لا لصفتها الإيديولوجية، وإنما لإمكانية تمثيلها شرطا لتأسيس الديمقراطية. في حين لم ترتق قوى الثورة إلى المراهنة على القوى التي تمثل شرطا في تأسيس الديمقراطية، ومازالت رهينة تحت تأثير التجاذب الإيديولوجي. وهو المنفذ الذي تعمل الثورة المضادة على النفاذ منه (مثلما نفذ القديم عندنا) من خلال المجلس العسكري وما يمكن أن يعقده من ترتيبات وصفقات نرى ملامحها في الإعلان المنتظر بين المجلس العسكري وإعلان الحرية والتغيير.
نذكر بأن البشير جزء من نظام الاستبداد العربي المجرم، وأنّ أساسه الإيديولوجي إسلام سياسي، لا يختلف عن بن علي وبشار والسيسي. وهو موضوع للثورة باتجاه الديمقراطية والمواطنة الكريمة.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.