كمال الشارني
كلام سفير تركيا عن العلاقات التجارية مع تونس ذكرني بحقائق لا نحب الحديث عنها في علاقتنا بدولته:
أولا: هم لا ينزلون بضائعهم في موانئنا بالقوة بل ثمة تونسيون يخلقون العملة الصعبة كاش لاستيرادها لأنها مربحة ولا أحد يجبر التونسي العادي على شراء شلايك تركيا أو ملابسها في المحلات التونسية، بل ثمة منطق الجودة والسعر، الأتراك بدأوا بعدنا مسألة النسيج وطوروها حتى ابتزوا العلامات الفاخرة في إيطاليا وفرنسا ونحن بقينا في حدود المناولة الرخيصة بامتيازات العبودية لليد العاملة فأغلقنا المصانع، كما بدأوا معنا صناعة السيارات عندما أهدت دار فيات في نهاية الستينات قوالب سياراتها الشعبية إلى الدول النامية ومنها مصر التي سمتها سيارات نصر، وتركيا التي سمتها شاهين، ونحن أخذنا رينو في شركة STIA العمومية التي خربناها وبعناها خردة مفلسة، أما الأتراك فقد أصبحوا من كبار صانعي السيارات في الشرق الأوسط، ووسعوا ذلك إلى الشاحنات والحافلات حيث آخر صفقة حافلات في الأردن مثلا صناعة تركية بأقل من ثمن الخردة الفرنسية التي اشتريناها في تلك الصفقة التي أصبحت من أنظار القضاء، في المقابل، أكثر من 60% من قطع الغيار في تونس صناعة تركية، لكن في النهاية، نحن لا نمثل شيئا في الاقتصاد التركي الذي يعتمد أساسا على جواره الإقليمي في دول الشرق الأوسط وجمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا وخصوصا السوق الأوروبية، بل تمثل الصناعة التركية أنموذجا لنا للاستفادة منه في نقل التكنولوجيا، والمشكل مع تركيا ليس إيديولوجيا كما يريدون إيهامنا به، بل احتكاريا وفق الوصف الصادم باتريس برغاميني، معركة سوق واحتكارات تصبح فيها الإيديولوجيا مجرد أداة، الأتراك أنفسهم لا دين لهم إلا الربح.
بالله قبل أن أنسى: من الأكاذيب الإيديولوجية قلوب تركيا، ليس هناك شيء اسمه قلوب تركيا (البيضاء)، فهي تزرع في بلغاريا، والأتراك يستجيبون لحاجة التجار التونسيين في جلبها إليهم لا غير.