صالح التيزاوي
يوما بعد يوم تتكشّف فضائح فرنسا الكولونياليّة، وأنّها لم تتخلّص من نوازعها الإستعماريّة، وأطماع الهيمنة على مقدّرات الشعوب وكسر إرادتها. مهما حاولت التّغطية على نوازعها العدوانيّة بشعارات الحداثة والحقوق والحرّيات.
كشف العدوان المسلّح على العاصمة اللّيبيّة طرابلس بقيادة المتمرّد خليفة حفتر ذي الجنسيّة الأمريكيّة بعد اندحاره من مدينة غريان تحت ضربات القوّات المدافعة عن العاصمة طرابلس عن وجود صواريخ أمريكيّة متطوّرة جدّا بحوزة مليشياته المدعومة عربيّا من محور الشّرّ العربي: مصر، الإمارات والسّعوديّة. والمدعومة دوليّا من فرنسا التي تظهر في العلن تأييدها لحلّ سلمي وفي السّرّ تمدّ مليشيات خليفة حفتر بالأسلحة وتوفّر لها الدّعم اللّوجستي.
اعترف الأمريكان بأنّ الصّواريخ أمريكيّة، وأنّها بيعت لفرنسا التي التزمت الصّمت المريب طوال الجدل الدائر حول كيفيّة وصولها إلى مليشيات دمويّة، في خرق فاضح لحظر تصدير السّلاح إلى ليبيا..
وجدت فرنسا نفسها مدانة أمام العالم بتهم كثيرة، منها خرق الحظر المفروض على ليبيا، ودعم عسكري متقاعد ومتمرّد في مواجهة حكومة مدنيّة، لا تنفكّ تعلن تمسّكها بحكم مدني وتداول سلمي على السّلطة في ليبيا ينهى حكم الفرد وحكم العسكر وحكم القبيلة، وهي مدانة أمام العالم لعدم جدّيتها في الحديث عن حلّ سلمي وأنّها تؤجّج الصّراع المسلّح في ليبيا. لم يتأخّر الرّدّ الفرنسي بعد افتضاح أمرها ولكنّه جاء سخيفا، مفاده أنّ الأسلحة معطّبة وأنّها منتهية الصّلوحيّة !!! وكأنّها تتحدّث عن أغذية معلّبة فاسدة!!! إن كان الأمر كذلك، فماذا تفعل في أيدي المليشيات الحفتريّة؟ وماذا تصنع تلك المليشيات بأسلحة معطّبة؟ هل سيعيد حفتر إصلاحها وإعادتها للخدمة؟ لا شكّ أنّها كانت على ذمّة قوّات فرنسية خاصّة تقاتل مع الإرهابي وأسير الحرب السّابق خليفة حفتر لتوفّر له الخبرات القتالية لاحتلال العاصمة طرابلس طمعا في نفط ليبيا. فهل مازال بإمكان فرنسا بعد افتضاح أمرها أن تفاخر بأنّها قلعة المدنيّة وهي التي تدعم قائدا لمليشيات إرهابيّة من أجل الإطاحة بحكومة مدنيّة وقتل المدنيين ؟ وهل ثار الشّعب اللّيبي ليستبدل عقيدا مستبدّا بإرهابيّ متقاعد من الخدمة العسكريّة وأسير حرب سابق؟!
يبدو أن فرنسا “سايكس بيكو” تأبى أن تغيّر من سلوكها، حيث كشفت فضيحة الأسلحة أنّ الدْعم الفرنسي لخليفة حفتر، له دوافع أخرى غير النفط اللّيبي.. وهي التي سبق أن عبّرت إبّان الثّورة التّونسيّة عندما كان بن علي يترنّح عن دعمها لنظامه الإستبدادي وعبّرت صراحة عن استعدادها لمدّه بالأسلحة لمواجهة الشّعب الثّائر. قد يكون للأمر علاقة بسايكس بيكو جديد… ودوافع أخرى…