الديمقراطيةُ، في السياسةِ خيرٌ كثيرٌ، وفي المؤسساتِ شرٌّ كبيرٌ !
محمد كشكار
فكرة مشتركة بين الفيلسوف الفرنسي ميشيل أونفري وفيلسوف حمام الشط ومواطن العالَم
الديمقراطيةُ كأداة للحكم هي خيرُ نظام سياسي وصلت إليه البشرية، تمثيلة برلمانية كانت أو تشاركية شعبية.
الديمقراطيةُ تصبح شرًّا لو عُمِّمت على باقي مؤسسات المجتمع:
1. العائلة: لا دخلَ للديمقراطية فيها. مطلوب من الولد (أو البنت) أن يطيع أباه وأمه وبس. لأن غياب سلطة الوالدَين على الولد تُعدُّ بمثابة سوء تربية له. ولو استخدم أحد الوالدَين سلطته في غير محلها فالحل يكمن في نشر القِيم السَّمحة والثقافة والتعليم، وليس في إدخال الديمقراطية في الوسط العائلي (الأُمُّ مَدرَسَةٌ ( أو الأب) إِذا أَعدَدتَها أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ).
2. القسم: لا دخلَ للديمقراطية فيه. تلميذ أو طالب لا يعلم، جاء ليتعلم، فليتواضع كثيرًا ويترك العالِم يعلّمه في الابتدائي أو الإعدادي أو الثانوي أو العالي. من حق المتلقِّي أن يحتج ويسأل، لكن بلطفٍ وأدبٍ وتنازلٍ محمودٍ. ولو كان العالِم غير عالمٍ بدرسه فالحل يكمن في تكوين المدرس علميًّا وبيداغوجيًّا، وليس في إقحام الديمقراطية في العلاقة العمودية بين المدرس وتلميذه.
3. المؤسسات التربوية: لا دخلَ للديمقراطية فيها. لها نظامها الداخلي (La discipline) وعلى التلميذ أو الطالب الرضوخ لمقتضياته بحذافيرها. من حق المتلقِّي أن يحتج ويسأل، لكن بلطفٍ وأدبٍ وتنازلٍ محمودٍ. ولو كان المسيِّرون الإداريون غير أكِفّاء فالحل يكمن في تكوين المسيِّرين في علوم الإدارة والتصرف، وليس في إقحام الديمقراطية في العلاقة العمودية بين المُسيِّر والمسيَّر.
4. المؤسسات الأخرى (مصنع، ضيعة، بنك، مستشفى، مصلحة إدارية، إلخ.): لا دخلَ للديمقراطية فيها. عاملٌ أو موظفٌ أو مهندسٌ أو طبيبٌ يعمل ويصمت وبس. له نقابة تتفاوض باسمه (الإضرابُ محرَّمٌ عندي تمامًا في المؤسسات العمومية بحجة أن الأجراء هم أصحاب المؤسسة. وهل يُضرِبُ الفلاحُ في أرضه؟). ولو كان المدير غير كُفْءٍ فالحل يكمن في “تقديس” التراتبية (La hiérarchie, hieros, sacré) وتعيين الرجل (أو المرأة) المناسب في المكان المناسب دون رشوة أو محسوبية وليس في إقحام الديمقراطية في العلاقة العمودية بين الرئيس والمرؤوس.
إمضائي: “وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر” جبران
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 29 جوان 2019.