علي المسعودي
باسم الشرف، يتمّ أحيانا هتك الأعراض وتدنيس الشرف !. وباسم الديموقراطية يتمّ غالبا مصادرة حكم الشعب لنفسه وتبييض الجبروت والصلف.
الديموقراطية، هذه الحسناء العائدة من خرائب أثينا، هي أنثى ضعيفة، عرضة للخديعة والمكر.. الجميع يتغزل بها، يخطب ودّها ويكتب شعرا إباحيا في مفاتنها.. ولكن لا أحد يجرؤ على طلب يدها، هم فقط يريدون فعل الاغتصاب !.
كل الأنظمة العربية هي ديموقراطية الخطاب، وكل الحكام العرب أكثر جنونا من ايفان الرهيب !.. حتى الملوك منهم يتحدثون عن الشورى، واستفتاء الخاصة والعامة في الرأي الرشيد.
•••
من هشاشة “ديموقراطيتنا” الوليدة أنها مصابة بمرض فقدان المناعة المكتسبة والفطرية، وأنها تجاهد كل لحظة من أجل البقاء على قيد الحياة، وأنها جزيرة معزولة يحاصرها من كل جانب تسونامي الدكتاتوريات.. لقد انتقلنا من تصدير الثورة إلى مرحلة الدفاع عن مكتسبات الثورة.
الإرهاب المولود طبيعيا، والمعدّل جينيا هو أحد الأخطار المحدقة بالديموقراطية. وفي اعتقادي أن الارهاب التقليدي لم يعد يملك قوة في هذا البلد، ولم يعد قادرا على الفعل وتغيير قوانين اللعب. أما الإرهاب المصنع بالكامل ونصف المصنع، فقد انكشف مع الوقت أنه تقليد، وسلعة مغشوشة يريدون بها خلخلة الديموقراطية ودفع الناس إلى التراجع عنها لصالح أنظمة أكثر تسلّطا..
هذا الارهاب رأينا عيّنة منه بالأمس في شوارع العاصمة، ومن علامات هذا التقليد، توقيته ومكانه والمستهدف منه. واستخلص البعض من فشل العمليتين أن الارهاب غبيّ بطبعه. وفي الواقع ليس هناك أغبى من هذا الاستنتاج !. الإرهاب الذي قضى على معالم دول بكاملها، الإرهاب الذي استولى على مساحات تعادل نصف أوربا، الإرهاب الذي استنفر تحالفا من عشرات الدول، ومازال يخوض حروب استنزاف مع الجميع.. هذا الإرهاب بالغ القوة، وبالغ المكر، ولا يكون غبيا إلا إذا كان سلعة مقلدة، غير معروفة المصدر !.
حتى الإرهابي يقدس الحياة، ولن يتخلّى عنها دون تعويض مجز، وبضمانات مؤكدة في العالم الآخر. أما أن يبدّدها سبهللا في شارع بورقيبة أو القرجاني فلا أدري أي غسيل دماغ انتهى به إلى هذا العبث، والأرجح أنه تمّ حقن الدماغ، بدل غسله !..
•••
الخطر الأعظم على الحياة المدنية اليوم ليس الارهاب، حتى وإن اختطف منّا شهداء.. إنه أخطبوط الإعلام المتحالف مع أخطبوط الفساد، وهو تحالف الشرّ الذي يمتهن تزييف كل الأشياء، بدءا من حقائق السياسة والوعي الجماعي للعوام، وانتهاء بالانتخابات.
الديموقراطيات هي دوما حصون منيعة، تؤخذ فقط من الداخل، وفي مزادات الذِّمم !.