شوقي الشايب
أتابع باستغراب ردود أفعال الشارع العربي لما سمي “إجتماع البحرين” فيما يخص صفقة القرن وتواطئ حكومات دول الخليج وخاصة السعودية والبحرين منظمة حفل “الشواء”. وعلى إثر كلمة وزير الخارجية البحريني الذي أبدى ترحابه لما سماه “خارطة السلام في الشرق الأوسط” والتي لاقت إستهجانا واسعا وردود أفعال غاضبة. أريد أن أعود بكم قليلا إلى ذات المكان “البحرين” لأقص عليكم قصص جدهم أبو طاهر القرمطي.
إذ أنشد على باب الكعبة يوم الثامن من ذي الحجة سنة 319 هجرية: ّ”أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا” وسيوف أتباعه تحصد حجاج بيت الله قتلاً ونهبًا وسفكًا وينادي أصحابه أجهزوا على الكفار وعبدة الأحجار، ودكوا أركان الكعبة، واقتلعوا الحجر الأسود. فكان الناس يفرون فيتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئا، بل يقتلون وهم كذلك، ويطوفون فيقتلون في الطواف، وقد كان بعض أهل الحديث يومئذ يطوف، فلما قضى طوافه أخذته السيوف، فلما وجب أنشد وهو كذلك:
تـرى المحـبين صـرعى في ديارهم
كفتيـة الكـهف لا يـدرون كـم لبثوا
يقول ابن خلدون في المجلد الثالث من تاريخه، عند ذكره لأحداث العام 319 من الهجرة، عن هذه الواقعة ما يلي:
ثم سار أبو طاهر القرمطي سنة تسع عشرة إلى مكة، وحج بالناس منصور الديلمي، فلما كان يوم التروية، نهب أبو طاهر أموال الحجاج، وفتك فيهم بالقتل حتى في المسجد والكعبة، واقتلع الحجر الأسود وحمله إلى هجر، وخرج إليه أبو مخلب أمير مكة في جماعة من الأشراف، وسألوه فلم يسعفهم، وقاتلوه فقتلهم وقلع باب البيت، وأصعد رجلاً يقتلع الميزاب فسقط فمات، وطرح القتلى في زمزم، ودفن الباقين في المسجد حيث قتلوا، ولم يغسلوا ولا صلي عليهم ولا كُفِّنوا وقسم كسوة البيت على أصحابه، ونهب بيوت أهل مكة. فقتل وأصحابه لعنهم الله ثلاثون ألفاً من الحجاج وجيران البيت الحرام في الشهر المحرم ليدفنوا في مصارعهم بلا غسل ولا تكفين ولا صلاة بل أكثر من ذلك لقد ردم بجثث المؤمنين بئر زمزم وحمل الحجر الأسود من مكانه إلى مدينة هجر بالبحرين، التي بنى بها القرامطة دارًا سموها (دار الهجرة).
فكيف يستغرب العرب ممن كان هذا أفعال نسله. ولا يخفين عليكم أن عرق الكلب ممتد عبر القرون وأن قطرات الحيوانية لا تفنى في عروق البهائم.