نوع من الوطنية، مغشوش، فاسد، عديم الصّلوحيّة

عبد اللطيف علوي

أنا لا أؤمن إطلاقا، بأنّه في مثل حالتنا، كعرب خارج التّاريخ، يمكن أن يكون للرّياضة أيّ دور في التعريف بالبلد أو تشريفه أو رفع رايته..
ولا أرى أيّة قيمة ولا مهابة للعلم الذي يرتفع في مثل هذه المناسبات الرياضيّة..
لا أرى في ذلك أيّ فخر، حتّى ولو عاد لنا أولئك الرياضيون موشّحين بالذهب والياقوت والألماس… 
ليست المشكلة فقط أنّنا دائما نخسر… 
“أبْسوليوتلي”.. كما يقول اللّمبي… 
(على ذكر الخسارات: أتذكّر مقابلة كأس العالم التي لعبناها في فرنسا ضدّ الانجليز… يومها شعرت بحجم الإهانة الّتي وجّهت إلينا كشعب، وكأمّة، وليس فقط للاّعبين فوق الميدان… كانت قوّتهم وغطرستهم فوق الميدان، وضعفنا وهزالنا واستسلامنا صورة تختزل كلّ شيء، صورة من أبشع الصّور التي التصقت بذاكرتي… يومها كان يمكن أن نخسر بعشرة أهداف لولا شكري الواعر، لكن المشكلة ليست فقط في النتيجة… كانت المشكلة في صورة الإنسان الواقف فوق الميدان… رجال انجليز متحرّرون أقوياء واثقون، مقابل ضعفاء مهزومين مكسورين بلا إرادة ولا يقين).
المشكلة أنّ هذا النوع من الوطنية، هو نوع مغشوش، فاسد، عديم الصّلوحيّة، يضحكون به علينا وينفخوننا كالطبول، فنقرقع ونفرقع بكلّ غباء وعبط…
ما فائدة أن يرفع العلم في المريخ، وهو منكسر ذليل في قلوبنا ؟
العلم ليس خرقة ترفع على السارية، العلم رمز نشعر بوجوده يملؤنا، حين نشعر بالانتماء الحقيقيّ إلى بلد يحترم مواطنيه ويكفلهم ويحرسهم ويوقظهم كلّ يوم على أمل جديد…
العلم حالة.. حالة عزّة وكرامة وسيادة يشعر بها الناس، فإذا غابت تلك الحالة، صار مجرّد خرقة باهتة بلهاء بلا كبرياء.
تلك المليارات الطائلة، التي تصرف من أجل رفع العلم في روسيا أو في البرازيل أو كندا أو حتى على الهملايا أو على سطح القمر، أولى بها أن تعالج مريضا، أو تعلّم طفلا كسرته الظّروف وجعلته يتسكّع في الشوارع، أو تنصف مظلوما، أو تسقي عطشانا في دشرة من دشر العذاب التونسيّ، أو تطعم جائعا، أو تكسو عاريا، أو تبني بيتا لعائلة مشردة، أو تطبع كتابا ينشر النور في العقول، أو حتّى تذهب لمقاومة النّاموس الحضريّ والنّاموس الرّيفيّ على رأي سيادة الوزير.
عندها فقط يشعر الإنسان أنّ لعلم بلاده قيمة، دون حاجة إلى أن يراه يرفرف في أقاصي الدنيا،
بالنسبة إليّ، مادام هناك جائع واحد في هذا البلد، أو امرأة تموت عند الولادة أو مقهور واحد يعجز عن كسوة أبنائه… فإنّ كلّ هذه الأموال التي تذهب تحت مسمّيات دعم الرياضة في المحافل الدولية، أو دعم أفلام الجنس الرخيص ومسرحيات الزوايا المظلمة وثقافة الأحزمة.. كلّها فساد موصوف يجب أن يحاسب كلّ المسؤولين عنه ويعدموا رميا بالرّصاص في قلب ملعب رادس، وهو ممتلئ تماما بالجمهور!.
#عبداللطيفعلي

Exit mobile version