تلاوة الفاتحة وأمراض النخبة
سمير ساسي
لبرهان غليون فهم مبدع لمشكل النخبة العربية من بين أمراضها ان لها منهجا سكولاستيكي يطرح القضايا التي لا تهم المجتمع او الغالطة. ثم يدور الجدل حولها. فيستفرغ الجهد في احتراب لا معنى له.
اذكر هذا بمناسبة جدل قراءة الفاتحة في مجلس النواب على روح الشهيد محمد مرسي وأود ان اسوق ملاحظات:
من حيث المبدأ لا معنى لقراءة الفاتحة على روح شهيد فمن حيث الأصل نزل القران للأحياء وليس للموتى والشهيد لا يصلى عليه فلا يحتاج للدعاء اذا أخذنا الصلاة بمعنى الدعاء لكن قراءة الفاتحة هنا ودقيقة الصمت عند اخرين موقف سياسي وهذا مهم. لذا وجب الانتباه في سياق الطرح. فمن دعا الى تلاوة الفاتحة كان يدعو الى موقف يساند مشروعية الشهيد ويقف ضد الانقلاب وان انحرف قليلا بتناوله للموضوع من زاوية إنسانية لان هذا يدل على عدم وضوح في الموقف ومن رفض فهو ايضا موقف سياسي يساند الانقلاب ولا يقر بمشروعية الرئيس الشهيد او لا يريد ان يمنحه اعترافا من عنده لذلك تمسك بالرفض حتى من ناحية إنسانية وبصراحة هذا انسجام أحييه.
اما الجدل في البرلمان فقد وقع فيه تحيل في التوصيف والتسويق فالرافضون لتلاوة الفاتحة لم يرفضوها لموقف ديني او هووي. بل انهم فرحوا لانحراف النقاش الى هذا المستوى لانه يجنبهم إحراجاً سياسيا رهيبا. -وان كانوا قد انزعجوا قليلا خوفا من جمهورهم المحافظ – اذ يلزمهم بإدانة الانقلاب والخروج عن مواقفهم التقليدية المؤيدة لعسكري مصر وسوريا وليبيا لذلك حرصوا على ان لا تكون التلاوة باسم المجلس لانه عندها سيكون موقف رسمي للدولة يلزمهم وان لم يرضوه اما التلاوة باسم كتلة ما فهو لا يلزمهم حتى وان قرؤوا القرآن كله وهنا غاب عنهم الانسجام الذي حييته فيهم من قبل لكن اقر لهم بالنجاح في التسويق المغالط حتى انتقلوا من موقع الدفاع الى موقف الهجوم وهذا ناتج عن ان غياب الوعي لدى من جادلهم بحقيقة الموقف وناتج ايضا عن ان الخطاب السياسي برمته لم يرتق الى مستوى القضايا الجادة للمجتمع فلا داعي للمغالطة.