نبيل القروي بريء من هذه الاشاعات المغرضة..
نصر الدين السويلمي
اشاعات وصلت إلى حد التواتر وغصت بها مواقع التواصل الاجتماعي تروج إلى أن المرشح الرئاسي وصاحب قناة نسمة ورجل الاعمال وصاحب الجمعية الخيرية خليل تونس، وبعد اعتماد البرلمان للتنقيحات الجديدة، طالب كل من تمتع بمساعداته اعادتها اليه، وانتشر بشكل واسع نداء “رجع المقرونة”، ولأن الحقيقة يجب ان تقال مهما كان الخلاف مع صاحبها فإن مثل هذه المطالب لم تصدر ابدا من نبيل، ولا نحسب انها ستصدر منه لأن الرجل لم يخسر الكثير بحكم ان غالبية القوافل التي سيرها مدعومة بقوة وضمن خطة “اغاثوسياسية” محبكة، لذلك يجب التوقف فورا عن الترويج لمثل هذه الاشاعات، فنبيل لم يطالب بإعادة المقرونة ولا السميد ولا الطماطم ولا الزيت ولن يطالب بذلك، وليس هناك ما يثبت ان شركاءه في المشروع “الاغاثوسياسي” في الخارج طالبوه بإعادة البضاعة.
اذا دعونا من الإعادة ولنخلص إلى الإفادة، لأنه كل ما في الامر ان السيد نبيل القروي، استغل تجربته في بناء نداء تونس وإعادة إنتاج الباجي قائد السبسي من جديد، وخلال رحلة البناء تمكن من الاحتفاظ بالكثير من الأوراق المحرجة، ساعدته في كسب صمت صناع القرار ومن ثم المرور عبر قنوات الإغاثة لتعبيد الطريق نحو قرطاج وباردو ولما لا القصبة. نبيل ايضا استغل بذكاء بالغ الكثير من الصداقات المدفوعة الثمن واستثمر في الجميل الذي ابداه للقوى المتمعشة من جنازة شكري بلعيد، وهو الذي استعمل قناته للقيام بنفس الادوار التي قام بها خالد يوسف لصالح انقلاب 30 يونيو، خالد الذي انكسر حين أراد أن يتقاضى ثمن السحر السينمائي الذي حول بموجبه بعض الآلاف من المتظاهرين الى 33 مليون، فكان رد مخابرات العسكر بـأكثر من 400 مقطع فيديو مع 11 فنانة، حينها اقتنع خالد بأنه قبض الثمن وحُفظت القضية بين المخرج والعسكر بالتراضي. المشكلة ان نبيل وبخلاف اللعبة بين عسكر السيسي وخالد يوسف، هو الذي يملك المقاطع هذه المرة وليسوا خصومه، والمشكلة الأكبر التي تواجه القروي ان المقاطع لا تعني الشاهد وقيادات تحيا تونس، بل تعني غيرها من الشقوق، لذلك يدرك القروي ان مقاطعه لا تصلح في هذا التوقيت، وأن من سيصيبهم ليس لهم التأثير الكبير، بل ربما اضعفهم لصالح خصمه اللدود.
صحيح ان الشاهد كان يراقب عن كثب تحركات القروي ويملك الكثير من المعطيات حول حركة المال وحجمه والشركاء، لكنه كان يعتقد ان القروي سيواصل سياسة الجنرال العربي بلخير صانع رؤساء الجزائر، وان شهوته لن تتوالد وتتكاثر وتتورم الى حد الانتقال من صناعة الرئيس إلى طلب الرئاسة، ولما فعلها القروي، ولما ساعد الزرقوني في اشعال النار وخلط الاوراق، كان لابد للشاهد ان يتحرك لفرملة التحالف الثلاثي “مال اغاثي-إعلام سياسي-تجربة ماكرة”، تحرك الشاهد ضد نبيل وفق القانون وبالقانون وفي كنف القانون وتحت رعاية القانون.. وإن كان نبيل يتمتع بالمكر، فان الشاهد تسربل به هذه المرة، وضل يراقب نبيل الإغاثة، في انتظار اطلالة نبيل الرئاسة، ليقطف رأسه، حتى إذا سألوه لما لم تتدخل لإيقاف المهزلة قبل هذا الوقت، أجاب الشاهد بان مال القروي واعلام القروي كان يصرف ويصرّف في مناحي قانونية، لكن الفساد طرا حين التحم ثنائي المال الإغاثي والإعلام الإغاثي بالسياسي، حينها توفر الغطاء ليتدخل القانون بشكل صارم، بل ليتدخل التشريع بطم طميمه!
أي نعم كان الشاهد يدرك ان نبيل لا يعمل لوجه الله ولا لوجه الاغاثة ولا لوجه الفقراء، وإنما لوجه مصلحة سياسية، لم تتبين إلا أخيرا، كما كان يدرك ان لنبيل خيارين اثنين إما توظيف محصوله الإغاثي لصالح جهة معينة، وهناك فرضية ان تكون لصالح الشاهد وحزبه، إذا ما كانت مطالب نبيل معقولة ورضيت بقية أطراف الدعم المالي اللوجستي بالرهان على يوسف الشاهد وتحيــــــاه، وإلا فإنه التحول الخطير لنبيل القروي من الصانع الى الطالب! وحين تبين ان نبيل جنح الى تسويق نفسه بدل التسويق لغيره، ترقب الشاهد النية الحقيقة لنبيل، هل تقدم بنية المشاغبة ورفع نسق المطالب وتحسين شروط التخلي، أم انه تقدم ليكتسح، هذا السؤال أجابت عنه عمليات سبر الآراء وخاصة الاخيرة، فالقروي الذي وصل إلى سيغما واقنع مزاجها بالصدارة المتفوقة جدا كما أقنعها بترقية حزب هلامي من درجة غير موجود الى درجة المتصدر الغائب او المتصدر الشبح، يكون حزم أمره وقرر ان يمضي إلى الضاحية الشمالية بأقصى سرعة. ولأنه يدرك أنه استعمل المحرمات القانونية في عملية الصعود التحايلي، اختار القروي الظهور في توقيت قاتل حتى يصعب على خصومه اعتماد المعالجات القانونية، بينما اختار الشاهد الاعتماد على شعار “تطبيق القانون لا يسقط بالتقادم”.
لقد نجح القروي في مهمة صناعة الرئيس، حين اعاد احياء الباجي ثم إنتاجه من جديد على حساب المرزوقي، بينما فشل في صناعة القروي الرئيس، يبدو ان نبيل يحسن مهمة متعهد حفلات لكنه لا يحسن إحياء الحفلات، فالخامات المطلوبة ليست هناك كما هنا، إن للمسرح نواميسه الخاصة، واستعراض مهارات الخداع ما قبل الخشبة، ليس كاستعراض المفاتن فوق الخشبة.