موت معلن …

علي المسعودي

مثلما تم اغتيال ثورة 25 يناير تحت مسمى ثورة يونيو، كذلك يتم اغتيال أول رئيس منتخب ديموقراطيا في مصر تحت مسمى الموت المفاجئ..
وهذه عبقرية مصرية خالصة في انزياح المعنى..
ولكن على من تقع مسؤولية هذا الاغتيال غير المعلن ؟
لا تتعجلوا، فتشيرون بإصبع الاتهام إلى المشير السيسي، فالمطرقة التي تشج رأس القتيل هي مجرد أداة للجريمة..
المجرم الحقيقي هو نفاق الضسياسة الدولية التي تحمل علم الديموقراطية خفاقا بيد، وترعى كل حكم جائر أو سلطوي بيد.
أما في مصر، فماذا يعني اغتيال فرد بالنسبة لشعب راكم الخيبات وماتت آماله منذ أمد ؟
ماذا يعني اغتيال سياسي بالنسبة لطبقة سياسية ميتة موتا معلنا منذ زمن ؟
لقد مات قبل هذا الاغتيال حمدين صباحي منذ أن رأى في المشير بعضا من خيال عبد الناصر، فدعا جهارا للتصويت له كمنقذ للبلد.
لقد مات قبل ذلك حزب التجمع الوحدوي وصاحبه رفعت السعيد رمزيا وبيولوجيا بعد أن تحول إلى صبي كل السلطات، ومجرد نبتة متسلقة، تستفيء بظل الحكام والعسكر.
لقد ماتت قبل ذلك كل المجموعات الليبيرالية واليسارية والقومية والتي لم تؤمن يوما بالليبيرالية ولا باليسار أو القومية بقدر إيمانها بالعسكر بعد أن نامت في سرير السيسي طوعا.. ثم قضى وطره منها ورماها كرها.
لقد مات اليسار ومات اليمين ومات الوسط، ولم يبق في ميدان المعركة إلا فرانكشتاين يصول ويجول ويزرع الرعب.
يمكنك أن تختلف مع الاسلاميين كيفما شئت، ولكن اللحظة التي تتحالف فيها مع العسكر من أجل هذا الاختلاف هي لحظة انتحار… وهذا هو واقع الحياة السياسية في مصر. لقد فضلت طبقة السياسيين الانتحار الجماعي مقابل أن ينحر السيسي خصمهم اللدود.. فلم يبق أحد يخبر عن أحد.
هل تعي التيارات السياسية العربية الغارقة في وحل الايديولوجيا السكتارية المغلقة أن الاسلاميين هم الثور الأبيض ؟ وأن رعي الجمال عندهم أفضل من رعي الخنازير عند الجنرالات ؟ وأن الخصومة السياسية معهم أفضل من العبودية عند غيرهم ؟
هل تعي يوما أن المسألة الديموقراطية هي مسألة حياة أو موت ؟ وأن تمسكها بالتحالف مع السلطويات الحاكمة هو سقوط أخلاقي وسياسي يؤدي حتما إلى التحلل والفناء ؟
مات مرسي، ولكن الجنازة هي جنازة كل حزب، وأحرى بالمآتم أن تقام في كل بيوت السياسة لو يعلمون.

Exit mobile version