لاتقتلوا أسود بلادكم فتأكلكم كلاب أعدائها..

صالح التيزاوي

هكذا أعلنها الدّكتور مرسي ذات يوم ولم يكن يدري أنّ نهايته ستكون على يد من كان يأتمر بأوامره ويتبعه كظلّه وينتظر الإذن حتّى يدخل عليه، ولكنّه غدر به وانقلب عليه خدمة لأعداء الأمّة..
فاضت روح الدّكتور محمّد مرسي أوّل رئيس مصري منتخب ديمقراطيّا من الشّعب في سجون السّيسي قائد الإنقلاب.. وهي تشكو إلى بارئها توحّش البشر حين تتملّكه شهوة السّلطة وأطماع السّياسية، فيمنع الدّواء عن سجين مكبّل في السّلاسل داخل زنزانة لا يبلغها حتّى ضوء الشّمس وخيوط النّهار… وأيُّ سجين؟ إنْه أوّل رئيس منتخب ديمقراطيّا من الشّعب في تاريخ مصر القديم والحديث… حبسوه ليغلقوا قوس الثّورة ،ولكنّ موته سيشعلها، عزلوه ليموت في سجن الفرعون نسيا منسيّا فإذا الملايين تصلّي عليه صلاة الغائب ويتحوّل موته إلى حدث عالمي وذكرى لن يتوقّف الأحرار عن إحيائها لتصبح شوكة مغروسة في كيان المنقلب، تذكّره بخسّته وبمعدنه الرّخيص وبفظاعاته…
مات الدّكتور مرسي وسط محاكمة أشبه بالمسرحيّة الهزليّة ليكتب التّاريخ أنّه شهيد الحرّيّة وشهيد القرن وشهيد الأمّة وستبقى روحه الزّكيّة لعنة تلاحق القتلة.. الذين انقلبوا والذين دعّموا بالنّفط والرّزّ والذين أعطوا الضّوء الأخضر والذين رقصوا على رائحة المحرقة في رابعة وفي النّهضة والذين هدّدوا الشّعب التّونسي بمحرقة مماثلة…
كان بإمكان الدّكتور مرسي أن يعقد صفقة مع قائد الإنقلاب أو حتّى مع أسياده عشيّة الإنقلاب على الشّرعيّة أو بعدها إنقاذا لحياته وحياة رفاق الكفاح ضدّ نظم الإستبداد، ولكنّه رفض المقايضة على أشواق شعبه للحرّيّة ولو كان الثّمن حياته.. مات في سجون الطّاغية وهو متمسّك بالشّرعيّة وبعدالة مطالب شعبه في الحرّيّة والتّحرّر من نظم الإستبداد الغاشم… فكان موتا في مرارة الإغتيال السّياسي لأنّ العسكر منع عنه الدّواء والرّعاية الصّحّيّة كسرا لإرادة رفضت أن تساوم على ثورة يناير العظيمة وعلى دماء شبابها حتّى وإن كانت حياة الرّئيس المنتخب هي الثّمن…
مات الدّكتور مرسي شامخا في زنزانته، أمّا الجلّاد فسيموت ألف مرّة وقد يأتي عليه يوم يطلب فيه الموت فلا يجده..
أعدم عبد النّاصر سيّد قطب فتجرّع بعد ذلك هزيمة حزيران حتّى مات بحسرته… تلك ذرّيّة بعضها من بعض وتلك الأيّام نداولها بين النّاس وسيسقط حكم العسكر يوما ما… وستعاد المحاكمة أمام جبّار السّماوات والأرض… وحتّى ذلك الحين فإنّ اللّه يمهل ولا يهمل..
أمّا من مهازل حكم العسكر فإنّ السّيسي المنقلب، يحاكم الرّئيس المنتخب بتهمة التّخابر مع حماس وهو اليوم يتواصل مع الصّهاينة ويقتل بالوكالة عنهم ويساعدهم على حصار غزّة وينفّذ مشاريع من أعطوه الضّوء الأخضر للإنقلاب حتّى شهد فيه أحدهم: “إنّه أكثر صهيونيّة من الصّهاينة”.

Exit mobile version