عبد القادر عبار
إذا كان إعدام الصحفي “خاشقجي” رحمه الله قد هزّ الدنيا وفجع العالم بسبب بشاعة الأدوات وغرابة مسرح الواقعة وهمجية الأسلوب الذي مارسه الخصم للتخلص من غريمه.. فان موت الرئيس “مرسي” رحمه الله قد فجع القلوب ورجّ النفوس وأربك الدنيا للأسباب نفسها.
فهل بدأ الإعدام السياسي يغيّر بدائله ؟
1. في البداية.. كان الرجْم
قال معارضو سيدنا نوح عليه السلام وخصومه مهددين: “لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين”.
2. ثم كان النفي
قال معارضو لوط وخصومه مهددين “لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المُخرجين”.
3. ثم جاء الصلب في جذوع النخل
مارسه فرعون تنكيلا بمعارضين من النخبة المثقفة وتهديدا لخبراء السحر المتمردين على طاعته: “لأقطّعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلّبنكم أجمعين”.
4. وصل إلى الحرق بالنار
مارسه النمرود ضد إبراهيم “قالوا ابنوا له بنيانا فالقوه في الجحيم” ومارسه احد الملوك ضد أصحاب الأخدود “قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود” ومارسه الدواعش ضد الأسير الأردني.
5. وأما في أيامنا النكدة.. ما بعد الربيع العربي فقد قرر المجرمون أن يتجاوزوا بدائل الإعدام التقليدية ويبتكروا أدواتهم الخاصة في سحق الخصم ويطوروا أساليبهم في إنهاء وجوده بما لا يترك أثرا ولا دليلا يورط القاتل أو يوصل خيطا إلى الفاعل.
6. وحرفية الإجهاز على “خاشقجي” و”ياسر عرفات” و”مرسي” رحمهم الله جميعا وخطة إعدامهم والأدوات التي استعملت للتنفيذ والعناصر التي استنفرت للعمل والمسارح التي اختيرت لتطبيق الجريمة.. كلها تنمّ عن تطور رهيب ومخيف في التخطيط الإجرامي للإعدام السياسي وسحق الخصوم والمعارضين.
ومازال في جعبة دوائر الشر السياسي الكثير من البدائل الفظيعة التي ستفزع القلوب وتشغل الدنيا.. صحيح قد ترهق أتباع الحق ولكنها لن تجهز على الحق لان الحق قدَره أن يظهر ويسود.. بينما قدر الباطل أن يكون زهوقا… “إنهم يرونه بعيدا.. ونراه قريبا”.