تطبيل للنّهضة
عبد اللطيف علوي
اليوم تستكمل النّهضة قائماتها الانتخابيّة.
كلّ الّذين عادَوا النّهضة أو خاصموها، كان يمكن أن يتحوّلوا إلى عمالقة، لو لم يشغلهم عداؤها عن دراسة أسباب بقائها واستمرارها وقوّتها وتماسكها…
دعنا من رأيك في سياستها، فذاك أدنى مراتب النّقد والتّفكير السّياسيّ ولا يحتاج إلى عبقريّة أو باك + مليار. أمّا أعلى درجات النّضج السّياسيّ، فهي أن تكون قادرا على تقديم البدائل وأن تستفيد حتّى من أعدائك كي تبني مصادر قوّتك.
في بلادنا هناك وحلة سياسيّة، وحلة حقيقيّة مزمنة أصعب من وحلة المنجل في القلّة.
الجزء الأكبر من مكوّنات المشهد السّياسيّ قائم على معاداة النّهضة أو في الحدّ الأدنى التّمعّش من أخطائها ووضعيّتها البالغة الحساسيّة، وهو في سبيل تدميرها أو تحجيمها يضعها دائما في مرمى النّيران ويستعيض بذلك عن أيّ سعي حقيقيّ لبناء نفسه وتركيز بدائله.
في المقابل النّهضة لا تتفتّت ولا تتشقّق ولا تندثر ولا تزيدها ضربات المطارق إلاّ صلابة وقوّة!!!
ما هذه المفارقة العجيبة؟ هل هي حزب الله المختار يؤتيها ما لم يؤت غيرها؟
لا ياسيدي!!
الأغبياء دائما ينتهي بهم الأمر إلى أن ينفعوا عدوّهم أكثر ممّا يضرّوه، لم تتشقّق النّهضة لأسباب كثيرة، ولكنّ أهمّ سبب في تقديري هي أنّ أعداءها وخصومها جعلوها دائما في موقع الدّفاع عن الوجود، يعني فرضوا عليها التّوحّد الدّائم من أجل حرب البقاء، وهذا ما يجعل كلّ أبنائها يؤجّلون دائما كلّ خلافاتهم مهما كانت ويقبلون بالتّسويات داخلها، في مقابل التّوحّد الدّائم للدّفاع عن وجودهم في الدّولة وفي السّاحة وفي المجتمع.
بالعودة إلى موضوع انتخاب القائمات، النّهضة أشبّهها دائما بالبرازيل، كلّما اقترب المونديال يجد المدرّب نفسه في ورطة كبرى، ينطلق من قائمة تضمّ 500 لاعب محترف في أعتى الفرق الأوروبية، يتقاربون في المستوى والقيمة، وعليه أن يستخرج من كلّ ذلك تشكيلة بـ 22 لاعبا، سيكون منهم فقط 11 لاعبا أساسيّا!!!
لو كان في أيّ حزب آخر كلّ ذلك الزّخم من القيادات، التاريخية والمستجدّة والداخلية والمهجريّة والسّواحلية والبلايكيّة والأغنياء والزّواولة ووو… لقامت حرب أهليّة بمناسبة كلّ انتخابات، تستعمل فيها كلّ الأسلحة المحرّمة دوليّا!!
خلافات عميقة وتجاذبات وتشنّجات بالجملة تسود هذه المناسبات، وحرب حقيقيّة بين أعضائها على المواقع، وتلك هي السياسة، فلا يكذبنّ علينا أحد بالقول إنّهم ملائكة زاهدون لا يأتيهم سلطان الهوى من فوقهم ولا من تحتهم، ولكنّها تنتهي دائما بالخضوع لقانون اللّعبة، والتّوحّد في مواجهة التّهديد الجمعيّ الخارجيّ.
هذا اسمه بلغة الكرة قراءة للمنافس، وبلغة السياسة تقدير سياسيّ، أمّا بلغة الأغبياء فهو تطبيل للنّهضة، لأنّهم بكلّ بساطة لا يستطيعون أن يكونوا إلاّ أغبياء!
#عبداللطيفعلوي