صالح التيزاوي
في شهر مارس المنقضي نشر حسن الزّرقوني نتائج سبر للآراء قامت به مؤسّسة “سيغما كونساي”، كشف أنّ حركة النّهضة تتصدّر نوايا التّصويت. وأثناء تحليله لنتائج سبر الآراء على أمواج إحدى الإذاعات المحلّيّة، قال بأنّ النّتائج في الغالب مؤكّدة، ولا يمكن أن تتغيّر حتّى موعد الإنتخابات إلّا بوقوع أحداث كبرى من نوع الإغتيال السّياسي الذي أودى بحياة شكري بلعيد إبّان حكم الترويكا عام 2012. فبمادا يفسّر تغيّر نوايا التّصويت حسب آخر استطلاع قام به في غياب “العمليّات الكبرى” التي كان قد جعلها شرطا لتغيّر لنوايا التّصويت؟
في أحدث سبر للآراء قامت به “المؤسّسة الزّرقونيّة” ونشرته وشرّحته جريدة المغرب، قفز نبيل القروي وحزبه غير المعروف أصلا إلى المرتبة الأولى، فيما تراجعت حركة النّهضة إلى المرتبة الثّانية دون أن تقع “أحداث كبرى” كتلك التى دفعت بحزب نداء تونس إلى المرتبة الأولى في انتخابات 2014 فماذا يعني هذا؟
1. أنّ الزّرقوني ومن معه كذّبوا أنفسهم بأنفسهم، حيث لم تقع أحداث كبرى من نوع ما تحدّثوا عنه سابقا وجعلوها شرطا لتغيّر واضح في نوايا التّصويت. فكيف نصدّقهم بعد ذلك؟ ثمّ بماذا يفسّرون الصّعود الفجئي والصّاروخي لنبيل القروي وحزبه غير الموجود أصلا؟ هل أصبحت “كراتين الطّماطم والمقرونة” محدّدا جديدا لتغيّر نوايا التّصويت؟ إن كان الأمر بتلك السّهولة فليس أمام الأحزاب إلّا أن تفتح جمعيّات خيريّة لاستمالة النّاخبين؟ وهل أضحى الشّعب التّونسي بهذه السّذاجة بحيث يقوده المتحيّلون من بطنه ويضحكون عليه بـ “الرّوبفيكيا” التي لا تعوّض التّنمية، أبرز مطالب الثّورة؟
ثمّ كيف سأل الخبير المزعوم في سبر الآراء الشّارع عن حزب ليس له اسم معلوم وليس له نشاط في الواقع ولا هياكل مركزيّة أو جهويّة أو محلّيّة تمثّله؟ هذه سابقة تاريخيّة، وحسب رأيي المتواضع جدّا لم نسمع أنّ حزبا مجهولا تصدّر نوايا التّصويت في أيّ جهة من الكرة الأرضيّة!! وهل من المقبول أن يدخل حزب مجهول مضمار سبر الآراء أصلا؟
2. الزّرقوني استبطن نوايا النّاس الإنتخابيّة عن حزب لا وجود له وأعطاه الصّدارة ومع ذلك أغفل مكوّنا انتخابيّا مهمّا “إئتلاف الكرامة” وهو عبارة عن إئتلاف للقوى الثّوريّة. فلماذا تجاهله؟ وكيف يمكن أن نثق به وبنتائج سبره بعد أن أغفل مكوّنا انتخابيّا مهمّا؟
3. كشف سبر الآراء عن صعود “الحزب الحر الدّستوري” إلى المرتبة الثّالثة متقدّما عن حزبي “تحيا تونس” و”نداء تونس”.
وثلاثتهم من الأحزاب التي نسلت من التّجمّع المنحلّ وهذه مسألة يفنّدها الواقع على الأقلّ بالنّسبة لحزب الموسي لأنّه فشل في آخر انتخابات جزئيّة لبلدية سوق الجديد من ولاية سيدي بوزيد.. ولم يفز ولو بمقعد واحد. ثمّ إنّ صاحبة الحزب حيثما حلّت تجد صدّا واحتجاجا شعبيّا بسبب ماضيها التّجمّعي وخطابها النّوفمبري الإستئصالي وعدم اعترافها بالثّورة وبمؤسّساتها. فهل نصدّق معطيات الواقع اليقينيّة أم نصدّق أمنيات الزّرقوني وفطاحلة الإعلام في جريدة المغرب.
4. يتبيّن من خلال الظّهور المفاجئ للزّرقوني بعد الثّروة وظهوره المتكرّر في وسائل الإعلام وخطابه الذي لن يجد المتابع صعوبة في إدراك ولائه للمنظومة القديمة، أنّ عمليّات استطلاع الرّأي التي يقوم بها تفتقر إلى الحياديّة، ممّا يجعل نتائجها غير موثوق بها لأنّها تأتي تحت الطّلب ولا تخدم سوى الأحزاب التّجمّعيّة. وهي عبارة عن أمنيات يعمل من خلالها إعلام المنظومة على توجيه الرّأي العامّ وحشده باتْجاه غلق قوس الثّورة في تونس.
5. إن كان تراجع حركة النّهضة إلى المرتبة الثّانية راجع إلى مشاركتها في حكومة لم تنجح في تحسين الأحوال المعيشيّة للشّعب التّونسي، فبماذا يفسّر الزّرقوني تراجع حزب التّيّار إلى المرتبة الخامسة بعد أن حلّ ثانيا في الإنتخابات المحلّيّة وهو حزب معارض؟