كمال الشارني
شيء ! كل ما حاولت أن أنسى أو أغير الموضوع، تغلبني صورة السيد الرئيس القادم محمد نبيل القروي، ومستشاره الأول المكلف بصحافة الاستقصاء وبالرد على الخصوم محمد أمين المطيراوي، المشكل الوحيد أني أتخيله على الهيئة التي وصف فيها الكاتب ماركيز طاغيته الشهير في رواية “خريف البطريارق”، يجر قدميه الثقيلتين ويكتب في مراحيض القصر الرئاسي: “المجد للرئيس الزعيم خادع الفقراء، المجد لي، الإمضاء: أنا”.
صحيح أني ما زلت مصرا، أنه في صورة انتخاب القروي رئيسا، على فكرة اللجوء إلى سركونة أو “جبل الشمس” شمال دير مدينة الكاف، والإعلان من هناك على انطلاق المقاومة السرية، على طريقة “جون كونر” في فيلم ترميناتور إنما دون توقع أية مساعدة من مناضلي المستقبل على هيئة رجل آلي بقدرات خارقة، توقعاتي المخيفة هي تزاحم الأنذال القدامى نحو قوادة المستقبل على طريقة فيلم Retour vers le futur من المحسوبين على مهنة الصحافة على خدمة الطاغية تحت شعار “مات الملك، عاش الملك” حتى إن كانت له بلوطة في أذنه أو أي مكان آخر، إذ لا تفسير لما يقدمه لنا الزرقون “الحقيقي والوحيد” إلا الهذيان، ولا يمكن مقاومة الهذيان إلا بالكتابة.
من أجل الماقرونة
شيء ! مرة أخرى لا أقدر على التخلص من صورة المبجل “محمد نبيل القروي رئيسا”، هذا احتمال أصبح يرافقني في كل مكان، وقد خيل إلي أني رأيته يقود سيارة شرطة في الطريق السريعة ويهددني بقطع رأسي بإشارة ساخرة من يديه، سألت طبيبا نفسانيا يمكن الوثوق به فقال لي إن ذلك عادي في ظروف الاكتئاب العام، وأن كثيرا من مرضاه يرون الطغاة حتى في مرآة الحلاقة صباحا بدل وجوههم، وأني سوف أراه مهددا مرارا في صور مختلفة وأنه قد يظهر لي على هيأة شحاذ مثلا ونصحني بأن لا أقاومه إذا ما وجدت نفسي وجها لوجه معه حقا، بل أن أبكي أمامه وأن أطلب منه الماقرونة وبطانية صينية والرحمة، “ابكي أمامه وارمي نفسك عليه”، تعامل معه كما يريد هو، وليس كما تفكر أنت والمرضى أمثالك، لأني سوف أنتخب سيدي الرئيس، محمد نبيل القروي، من أجل الماقرونة.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.